أعلنت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون، أمس الثلاثاء، عن موافقتها على حزمة مساعدات أمنية جديدة للبنان، تقدّر قيمتها بنحو 14.2 مليون دولار، في خطوة ربطتها بشكل مباشر بدعم جهود الجيش اللبناني في «إزالة الذخائر غير المنفجرة وتفكيك مخابئ أسلحة حزب الله»، بما ينسجم مع وقف الأعمال االقتالية الذي أُعلن بين لبنان وإسرائيل في تشرين الثاني 2024.
ووفق البيان الرسمي الصادر عن البنتاغون، تشمل المساعدات تجهيزات تمكّن الجيش من القيام بدوريات ميدانية والتعامل مع مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة، إضافة إلى تعزيز قدراته اللوجستية والتقنية في عمليات البحث والتفتيش. ويأتي ذلك في إطار سياسة أميركية أوسع تقول إنها تهدف إلى «دعم استقرار لبنان ومنع تجدد الصراع».
موقف حزب الله: «استسلام أو مواجهة»
الموقف الأميركي أثار ردود فعل متوقعة داخل لبنان، خصوصاً من جانب حزب الله، الذي اعتبر على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم أن هذه الخطوة «ليست بريئة»، بل تمثل جزءاً من خطة أوسع لنزع سلاح المقاومة. وقال قاسم إن واشنطن «تريد أن تنزع السلاح إمّا سلماً عبر الدولة اللبنانية، أو عسكرياً عبر أدواتها أو بتدخل مباشر»، مضيفاً أن الهدف الحقيقي هو «إفقاد لبنان قوته وتحويله إلى لقمة سائغة ضمن مشروع إسرائيل الكبرى».
قاسم شدّد على أن الولايات المتحدة «متآمرة بالكامل مع إسرائيل»، متهماً إياها بالسعي لتسليم لبنان إلى تل أبيب سياسياً وأمنياً. واعتبر أن واشنطن تخلت عملياً عن أي ضمانات قدمتها سابقاً بشأن انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، مفضلة المضي في سياسات السيطرة والضغط.
دعم مشروط أم التزام بالاستقرار؟
من الجانب الأميركي، يُقدَّم الدعم الجديد على أنه امتداد لعقود من التعاون العسكري مع لبنان، حيث تُعتبر المساعدات الأميركية أحد أعمدة تمويل وتسليح الجيش اللبناني. غير أن ربط هذه الحزمة صراحة بمهمة «تفكيك مخابئ حزب الله» أعاد إلى الواجهة التساؤلات القديمة حول ما إذا كانت واشنطن تستخدم الدعم العسكري أداةً لفرض أجندتها السياسية والأمنية في المنطقة.
ويرى مراقبون أن المساعدات تحمل رسائل مزدوجة: فمن جهة، تمنح الجيش اللبناني دعماً تقنياً يحتاجه بشدة في ظل أزمة اقتصادية خانقة؛ ومن جهة أخرى، تُحرج المؤسسة العسكرية بوضعها في موقع مواجهة غير مباشرة مع حزب الله، ما قد يهدد بتأزيم التوازن الهش داخل لبنان.
بين الضغوط الإسرائيلية والحساسية اللبنانية
التحرك الأميركي يأتي في ظل ضغوط إسرائيلية متزايدة على إدارة واشنطن لاتخاذ خطوات أكثر صرامة تجاه حزب الله، خاصة بعد المواجهات الحدودية التي اندلعت في الفترة الأخيرة. وفي المقابل، يحذر محللون لبنانيون من أن وضع الجيش في مواجهة مباشرة مع الحزب قد يقوض دوره كضامن للاستقرار الداخلي ويحوّله إلى طرف في صراع داخلي معقد.
كما يرى آخرون أن توقيت المساعدات ليس بعيداً عن الحسابات الإقليمية الأوسع، إذ تسعى واشنطن لإظهار التزامها بأمن إسرائيل وتطويق النفوذ الإيراني في المنطقة، مع الإبقاء على قنوات دعمها للمؤسسة العسكرية اللبنانية كورقة نفوذ سياسية.