وسط تصاعد الضغوط العسكرية والنفسية، يتمسك أهالي مدينة غزة بالبقاء داخل مدينتهم ويرفضون النزوح جنوباً نحو منطقة المواصي في محافظة خان يونس، رغم محاولات الجيش الإسرائيلي لإجبارهم على المغادرة أكثر من مليون فلسطيني يعيشون في المدينة، ويتحركون داخل أحيائها بدل الانتقال إلى جنوب القطاع، تجنباً لتكرار تجربة النزوح التي عاشوها في بداية الحرب.
الجيش الإسرائيلي بدأ منذ أسابيع خطوات عملية لتفريغ المدينة، من بينها توسعة عملياته البرية في الأحياء الشرقية مثل الزيتون والصبرة، وتدمير المباني السكنية هناك بسرعة، بالإضافة إلى إعادة التقدم نحو بلدة جباليا والنزلة في شمال القطاع مع تكثيف القصف الجوي واستخدام روبوتات متفجرة لتدمير المباني. كذلك، تعرض حي الشيخ رضوان للقصف والتدمير المستمر، الأمر الذي أجبر بعض السكان على النزوح جزئياً.
منذ الجمعة الماضية، دمر الاحتلال أبراجاً سكنية تضم أكثر من 4100 شخص، وأحرق أكثر من 350 خيمة تؤوي نحو 3500 شخص، بحسب بيانات الدفاع المدني الفلسطيني. كما ركز على البنايات المحيطة بالأسواق العامة ومراكز الإيواء مثل سوق الشيخ رضوان وسوق الصحابة وميدان فلسطين وسط المدينة.
على صعيد الضغط النفسي، أطلقت الطائرات المسيرة نداءات للمغادرة، وأُلقيت منشورات ورقية تطالب السكان بالتوجه جنوباً إلى منطقة المواصي، مع تهديد بتدمير المدينة بالكامل كما حصل في رفح وجباليا وخان يونس.
مع كل هذا، يرفض معظم السكان الانتقال إلى جنوب القطاع بسبب ضيق المساحة في منطقة المواصي، التي تبلغ 15 كيلومتراً مربعاً وكانت تضم قبل الحرب أقل من 20 ألف شخص، بينما وصل عدد سكانها حالياً نحو 800 ألف بسبب النزوح من مناطق أخرى. المنطقة تعاني نقصاً حاداً في الخدمات الأساسية، بما في ذلك المياه النظيفة والكهرباء والصحة، والبنية التحتية غير جاهزة لاستيعاب هذا العدد الكبير، ما يزيد المخاطر الإنسانية ويهدد حياة المدنيين.
إسماعيل الثوابتة، المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي، قال للجزيرة نت إن مزاعم الاحتلال حول كون المنطقة "إنسانية وآمنة" لا تتوافق مع الواقع، مع تسجيل أكثر من 109 هجمات على المنطقة وأسفرت عن استشهاد أكثر من 2000 مدني. وأوضح أن عدم وجود مستشفيات وخدمات حقيقية يجعل البقاء في المواصي صعباً للغاية ويعرض السكان لمخاطر كبيرة.
ورغم كل هذه الظروف، قررت العديد من الأسر البقاء في المدينة وخرج ظهر الثلاثاء وجهاء وفعاليات مجتمعية في مسيرة احتجاجية وهم يحملون الأكفان رفضاً للتهجير، كما انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي هاشتاغات مثل "مش طالعين"، لتعبير عن تمسك الغزيين بالبقاء في مدينتهم وعدم التنازل عن أرضهم رغم المخاطر.