في خطوة مفاجئة كشفت عن توترات داخلية، اعتقلت أجهزة السلطة الفلسطينية رجل الأعمال والاقتصادي الفلسطيني سمير حليلة بعد أيام من عودته من الخارج، الحدث يحمل في طياته تقاطعات معقدة بين السياسة والاقتصاد، ويعود إلى خلفيات تاريخية تتعلق بمشاركته في اتفاقيات أوسلو وإدارة ملفات حساسة ضمن بروتوكول باريس، ما أكسبه رؤية استراتيجية تجاه إدارة قطاع غزة وإمكاناته المستقبلية.
المصدر والتفاصيل الأولية:
ذكرت صحيفة الشرق الأوسط نقلاً عن مصادر أمنية فلسطينية أن الاعتقال وقع داخل مطعم في حي الطيرة برام الله، دون توضيح طبيعة التهم الموجهة، مكتفية بالإشارة إلى أن العملية تمت «بأوامر عليا» وأكدت المصادر أن حليلة كان خاضعاً للمتابعة خلال الفترة الأخيرة، نتيجة ارتباط اسمه بمباحثات حول مستقبل القطاع بعد الحرب، خصوصاً بعد أن أعلن نيته تولي إدارة غزة بدعم جهات خارجية، ما اعتبرته السلطة مخالفة للإطار الرسمي.
الخلفيات التاريخية والسياسية:
يُعد سمير حليلة شخصية مؤثرة على صعيد السياسات الاقتصادية والسياسية الفلسطينية، إذ شارك في الوفد المفاوض ضمن اتفاقيات أوسلو وأدار ملفات اقتصادية مهمة منها بروتوكول باريس الذي ينظم التبادل والتعاون التجاري مع إسرائيل، كما شغل منصب الأمين العام للحكومة الفلسطينية عام 2005 وتولى رئاسة المعهد الفلسطيني لأبحاث السياسات الاقتصادية ومركز التجارة الفلسطيني بال تريد إضافة إلى دوره كرئيس تنفيذي لشركة باديكو وترأس مجلس إدارة البورصة الفلسطينية منذ 2022 وحتى مارس 2025، ما أتاح له موقعاً استراتيجيًا في التخطيط الاقتصادي والسياسي للقطاع، وهذه الخلفيات جعلت أي تحرك سياسي له محل مراقبة دقيقة من أجهزة السلطة، خصوصًا بعد إعلانه عن مشروع مستقل لإدارة غزة.
الأبعاد السياسية لاعتقاله:
تصريحات حليلة حول نيته إدارة القطاع وادعاؤه دعم جهات خارجية قوبلت بتحذيرات رسمية، واعتبرت محاولة للالتفاف على الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، ويعكس الاعتقال أن القيادة الفلسطينية حريصة على منع أي مشاريع بديلة خارج الإطار القانوني والسياسي، حتى لو كان أصحابها فلسطينيين بالكامل، للحفاظ على وحدة القرار بعد الحرب.
الأبعاد الاقتصادية والاستراتيجية:
تجربة حليلة الاقتصادية والسياسية تبرز التوازن الدقيق بين القطاع الخاص والسلطة الرسمية، وتوضح كيف تتقاطع المصالح الاقتصادية مع القرارات السياسية، يرى مراقبون أن اعتقاله يعد إدارة مستقبلية للقطاع يجب أن تتم ضمن الإطار الشرعي للسلطة الفلسطينية، لمنع استغلال الوضع من أطراف خارجية، وضمان تنسيق فعال بين الضفة وغزة.
السلطة تحدد غزة:
في تصريحات سابقة، أعلن حليلة أنه لن يتحرك في المشروع إلا بعد انتهاء الحرب وفتح المعابر والاتفاق على إعادة إعمار القطاع وبموافقة جميع الأطراف، بما فيها السلطة الفلسطينية، ومع ذلك أكد المسؤولون الفلسطينيون أنه غير مخول بالتدخل، وأبلغ الرئيس عباس شخصياً بضرورة الابتعاد عن أي خطط مستقلة، وتعكس الخطوة الأخيرة حرص القيادة على تأكيد وحدة القرار الفلسطيني وضمان مشاركة عربية ودولية ضمن إطار رسمي معتمد.