أعاد الهجوم على اجتماع قيادات حركة حماس في قطر تسليط الضوء على التعقيدات التي تواجهها الدول عند اتخاذ قرارات عسكرية مستقلة عن المسارات الدبلوماسية التقليدية. العملية لم تقتصر على تنفيذ ضربات عسكرية، وانما أثرت على الديناميات الإقليمية وأضرت بالقنوات الدبلوماسية التي كانت تربط الحركة بوسطاء دوليين، مما يضع الوسطاء أمام تحديات جديدة لإدارة النزاعات.
في مقال رأي بصحيفة واشنطن بوست، وصف الكاتب الأميركي ديفيد إغناتيوس الهجوم بأنه "خطأ تكتيكي نادر"، مشيراً إلى أن العملية لم تحقق هدفها المتمثل في القضاء على قيادات بارزة من حماس، لكنها ألحقت ضرراً بالقنوات الدبلوماسية المهمة. وأوضح أن الهجوم ألقى بظلال من الصدمة على المسؤولين القطريين وأثر على قدرة قطر على الاستمرار كوسيط موثوق بين الأطراف المعنية بالنزاع.
وفي تغطية صحفية، ذكرت إريكا غرين من صحيفة نيويورك تايمز أن إسرائيل نفذت العملية دون إخطار الإدارة الأميركية لفترة كافية، رغم علاقة الحكومة الإسرائيلية السابقة بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وأشارت إلى أن هذا الأسلوب سبق استخدامه في هجمات إسرائيلية سابقة ضد إيران، حيث تم إشعار واشنطن قبل وقت قصير جدًا من بدء العملية، مما يقلل من قدرة الولايات المتحدة على التدخل أو التأثير.
وأشار موقع أكسيوس الإخباري إلى أن الضربة أثارت غضب البيت الأبيض وعدد من كبار مستشاري ترامب، خصوصًا لأنها جاءت في توقيت حساس، حيث كانت واشنطن تنتظر رد حماس على مبادرة سلام جديدة. كما كتب غريغ بريدي في مجلة ناشونال إنترست أن العملية الإسرائيلية كانت تهدف إلى منع حماس من الاستجابة إيجابًا لمقترحات السلام، معتبرًا أنها جزء من استراتيجية إسرائيلية لتعزيز سيطرتها على غزة بعيدًا عن أي قيود دولية أو دبلوماسية.
من جهة أخرى، اعتبر الكاتب البريطاني باتريك كوكبيرن في موقع آي بيبر أن الهجوم مثل "زلزالًا سياسيًا" أوقف فرصة إحلال السلام في غزة، مضيفاً أن استهداف قطر يبين أن إسرائيل قادرة على تجاوز القيود الدبلوماسية حتى مع حلفاء أميركيين، ما يثير تساؤلات حول مدى قدرة واشنطن على حماية مصالح حلفائها في المنطقة.
توضح هذه التحليلات أن الهجوم لم يكن مجرد عملية عسكرية محدودة، بل خطوة استراتيجية أعادت ترتيب موازين القوى الدبلوماسية في الشرق الأوسط، وأثرت على الثقة بين الأطراف الإقليمية والدولية، وأبرزت التحديات الكبيرة التي تواجه جهود الوساطة في النزاع الفلسطيني.