إيران سوريا والأردن: مذكرات كاظم الخليل تكشف مساعي ضبط الحرب اللبنانية

2025.09.10 - 04:33
Facebook Share
طباعة

نشرت جريدة الشرق الأوسط مقتطفات من الجزء الثالث من كتاب «مذكراتي» للنائب والوزير اللبناني الراحل كاظم الخليل، والتي تغطي الفترة بين 1976 و1990، في خضم الحرب اللبنانية وتصاعد التدخلات الإقليمية والدولية. وتسرد المذكرات جهود الخليل للتوسط بين إيران وسوريا والأردن بهدف الحد من تصاعد الأزمة اللبنانية، مع تسليط الضوء على التعقيدات السياسية والدبلوماسية التي أعاقت أي حل سريع، وكشف الحسابات الدقيقة لكل لاعب إقليمي في تلك المرحلة الحساسة من تاريخ لبنان الحديث.

تتناول المذكرات زيارة الخليل شاه إيران رضا بهلوي قبل لقاء الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، محاولةً منه لإطلاع الشاه على التدخل السوري في لبنان وتأثيره على الفتنة الداخلية، إلا أن الشاه كان ينتظر مواقف الإدارة الأميركية قبل اتخاذ أي قرار. كما توثق المذكرات جولات الخليل الإقليمية، ومنها زيارة الأردن ولقاء الملك حسين لبحث تسوية الأزمة اللبنانية.

 

محاولة تدخل شاه إيران

يستعرض الخليل تفاصيل زيارته طهران عام 1976: "وصلتُ طهران مع زوجتي بعد ساعتين من السفر المجهد، وكان نجلي خليل في استقبالنا مع موظفي السفارة. بعد استراحة قصيرة انتقلنا إلى القصر، حيث استدعانا الشاه إلى مكتبه الفسيح المزين بالكريستال."

خلال اللقاء، شرح الخليل للشاه أن الفتنة اللبنانية لم تكن طائفية بل نتيجة مؤامرة تهدف إلى تفكيك الدولة اللبنانية، وإضعاف مؤسساتها لصالح أنظمة يسارية ولأهداف إسرائيلية. أضاف أن النظام السوري يملك القدرة على إنهاء النزاع بسرعة لكنه مستمر في إذكائه.

رد الشاه بأن المعلومات الجديدة التي عرضها عليه الخليل أثارت اهتمامه، وأكد أنه ليس ضد المسيحيين، لكنه مستغرب من سيطرة الشيوعية على المنطقة ومصادر الطاقة، مشيرًا إلى تأثير الولايات المتحدة وفرنسا في السياسة اللبنانية.

 

القضية الشيعية والشيوعية في لبنان

تطرّق الخليل إلى دور الشيوعيين في السيطرة على مناطق الشيعة، مشيرًا إلى أن الزعماء الشيعة لن يتمكنوا من مواجهة هذا النفوذ بدون دعم خارجي. وأوضح أن تقديم المساعدات للزعماء الشيعة من شأنه أن يحقق توازنًا في الصراع، ويحد من توسع الشيوعية.

الشاه أكد أنه سيناقش الموضوع مع الرئيس الأسد، ويبحث الإجراءات الممكنة بالتنسيق مع "أصدقائه"، في إشارة إلى الإدارة الأميركية، دون أن تتحقق النتائج خلال الأيام التالية.

 

لقاء الملك حسين ومحاولات إشراك الأردن

بعد نحو شهر من المباحثات في إيران دون تحقيق نتائج ملموسة، عاد الخليل إلى لبنان عبر عمّان، حيث التقى الملك حسين. أبدى الملك اهتمامًا كبيرًا بلبنان، خاصة الجنوب، ومتابعة التطورات عن كثب، مؤكدًا استعداده لتقديم المساعدة.

ناقش الخليل مع الملك إمكانية إقامة اتفاق ثلاثي بين سوريا والأردن ولبنان لوقف إطلاق النار وحل الأزمة، إلا أن وزير الخارجية السوري عبد الحليم خدّام رفض مشاركة الأردن رسميًا، مؤجّلًا الاتفاق للتركيز على وقف العنف، مما عكس تحفظ دمشق على أي دور أردني مباشر رغم علاقاتها الجيدة مع عمّان.


دلالات تاريخية وسياسية

تكشف مذكرات كاظم الخليل عن:

تعقيد الحسابات الإقليمية، حيث كل لاعب يسعى لتحقيق مصالحه الخاصة في لبنان، سواء إيران أو سوريا أو الأردن.

تداخل السياسة والدبلوماسية، إذ كان أي حل يتطلب تنسيقًا دقيقًا مع القوى الإقليمية والدولية.

الضغوط على الزعماء اللبنانيين لضمان التوازن بين المقاومة الفلسطينية، الشيوعيين، والزعامات المحلية.


وتبرز المذكرات أن هذه المحاولات، رغم استعداد الأطراف الإقليمية للتدخل، اصطدمت بعقبات سورية وإيرانية، ما يعكس عمق التعقيدات التي واجهت لبنان في تلك المرحلة التاريخية، والآثار الطويلة المدى على استقرار المنطقة.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 9