تعيش إسرائيل على وقع فضيحة سياسية جديدة، بعد استدعاء وزير الطاقة إيلي كوهين للتحقيق في قضية منح جوازات سفر دبلوماسية بطرق مشبوهة، في وقت يبرز فيه اسم يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء، كأحد أبرز المستفيدين من هذه الامتيازات. القضية تعيد فتح ملف الفساد العالق داخل مؤسسات الحكم الإسرائيلية، وتطرح تساؤلات جدية حول تداخل النفوذ العائلي بالقرارات الرسمية.
الوزير كوهين، الذي شغل منصب وزير الخارجية قبل الحرب على غزة، دافع عن نفسه بالقول إن وزارته لم تصدر سوى أربعة جوازات سفر خلال ولايته، بينها جواز ليائير نتنياهو وثلاثة لرؤساء بلديات. وبرر ذلك بـ"الأسباب الأمنية" و"الطلبات الرسمية"، مؤكدًا عدم وجود أي مخالفة قانونية.
لكن مصادر داخل وزارة الخارجية أشارت إلى أن قرارات من هذا النوع لم تكن بعيدة عن التدخلات السياسية، وأن التجديدات المتكررة لجواز سفر نجل نتنياهو منذ عام 2009 لا تستند إلى معايير واضحة، بل إلى اعتبارات شخصية مرتبطة بمكانته كابن لرئيس الوزراء.
التحقيقات اكتسبت زخمًا بعد مداهمة وحدة مكافحة الاحتيال الوطنية مقر وزارة الخارجية في القدس خلال أغسطس الماضي ومصادرة وثائق حساسة. موظفون في الوزارة تحدثوا آنذاك عن "ضغوط سياسية مباشرة" لإصدار جوازات دبلوماسية لمن لا يستحقونها، في إشارة إلى شبهات باستغلال المنصب العام لتحقيق منافع خاصة.
تأتي الفضيحة في لحظة حساسة بالنسبة لنتنياهو، الذي يحاول الحفاظ على تماسك حكومته في ظل الحرب على غزة والانتقادات الدولية المتصاعدة. وجود اسم ابنه في صلب التحقيق يضاعف الضغوط، ويغذي الخطاب المعارض الذي يتهم نتنياهو بتحويل الدولة إلى "ملكية عائلية" يختلط فيها النفوذ السياسي بالمصالح الخاصة.
إرث الفساد
القضية ليست الأولى من نوعها التي تطال عائلة نتنياهو. فقد سبق أن واجه رئيس الوزراء نفسه اتهامات بالرشوة والاحتيال في ملفات تتعلق بتلقي هدايا ثمينة من رجال أعمال وتسهيلات إعلامية مقابل قرارات حكومية. كما واجهت زوجته سارة نتنياهو عدة محاكمات في قضايا إنفاق غير مشروع.
إدراج اسم يائير نتنياهو اليوم في تحقيقات "جوازات السفر" يعيد إنتاج صورة عائلة محاطة بالشبهات، ويغذي السردية القائلة إن نفوذها يتجاوز حدود السياسة ليطال مفاصل الدولة ومؤسساتها. وهذا ما قد يفاقم أزمة الثقة بين الرأي العام الإسرائيلي وحكومة نتنياهو في المرحلة المقبلة.