شهدت الأراضي السورية فجر اليوم سلسلة غارات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية في محافظتي حمص واللاذقية، في تصعيد جديد يهدد بفتح جولة أخرى من التوتر في المنطقة.
ووفق المعطيات الميدانية، فقد طال القصف كلية الدفاع الجوي الواقعة في محيط مدينة حمص، بينما تعرضت ثكنة عسكرية في منطقة سقوبين شمال مدينة اللاذقية لضربات مماثلة. كما أفادت تقارير محلية بوقوع غارة إضافية قرب مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي، ما يشير إلى اتساع نطاق الاستهداف الإسرائيلي خلال العملية.
إدانة رسمية
وزارة الخارجية السورية سارعت إلى إدانة الاعتداءات، ووصفتها بأنها خرق صارخ لسيادة البلاد وتهديد مباشر لأمنها واستقرارها الإقليمي. وطالبت الوزارة مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته واتخاذ موقف واضح يضع حدًا للهجمات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية.
وأكدت دمشق أن مثل هذه الاعتداءات تأتي في وقت تسعى فيه الإدارة الجديدة إلى تثبيت الاستقرار الداخلي بعد سنوات من الحرب، وبدء مرحلة تركز على إعادة البناء والتنمية الاقتصادية، معتبرة أن التصعيد الإسرائيلي يعرقل هذه الجهود ويزيد من هشاشة الوضع الأمني.
خلفيات التصعيد
منذ سقوط النظام السابق في سوريا أواخر العام الماضي، كثفت إسرائيل من تدخلاتها العسكرية، مبررة ذلك بمحاولة منع ما تصفه بالتهديدات الأمنية على حدودها الشمالية، وبذريعة حماية الأقليات في الجنوب السوري. غير أن دمشق ترى في هذه الذرائع غطاءً لعمليات عدوانية ممنهجة تهدف إلى تقويض سيادتها واستنزاف مواردها الدفاعية.
وتأتي هذه الغارات في وقت حساس، إذ تحاول الحكومة السورية إعادة ترتيب علاقاتها الإقليمية والدولية، والتمسك باتفاقية فصل القوات الموقعة مع إسرائيل عام 1974، والتي أنهت حرب أكتوبر 1973 وحددت خطوط انتشار القوات على جانبي الجولان. لكن تل أبيب أعلنت مؤخرًا انهيار الاتفاقية وفرضت سيطرتها على أجزاء من المنطقة العازلة في الجولان، في خطوة اعتبرتها دمشق تجاوزًا لكل الالتزامات القانونية الدولية.
تهديدات متواصلة
الضربات الإسرائيلية الأخيرة ليست الأولى من نوعها، فقد شهدت الأشهر الماضية عدة استهدافات طالت مواقع عسكرية ومنشآت حيوية داخل سوريا. وفي كل مرة، تكتفي دمشق بإدانة رسمية ورفع شكوى إلى مجلس الأمن، في ظل توازنات إقليمية ودولية تجعل من الصعب الرد العسكري المباشر.
ويرى متابعون أن استمرار هذه الغارات قد يؤدي إلى تقويض أي فرص لتهدئة الأوضاع في المنطقة، وبينما يراقب الشارع السوري تطورات الأحداث بقلق بالغ، تتزايد التساؤلات حول مستقبل الأمن والاستقرار في البلاد، وما إذا كانت الاعتداءات الإسرائيلية ستتحول إلى نهج دائم في المرحلة المقبلة، أم أن الجهود الدبلوماسية قادرة على كبح جماح هذا التصعيد.