شهد البحر الأبيض المتوسط فجر الثلاثاء حادثة جديدة هزت أجواء الاستعدادات لانطلاق أسطول الصمود، القافلة البحرية التي تهدف إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة. فقد تعرض القارب الرئيسي في الأسطول، المعروف باسم "فاميلي"، لهجوم تسبب في اندلاع حريق كبير على متنه، وسط تضارب في الروايات حول طبيعة الاستهداف.
القارب الذي كان يستعد للإبحار من ميناء سيدي بوسعيد التونسي، اشتعلت فيه النيران بشكل مفاجئ، فيما تداولت اللجنة الإعلامية للأسطول مقاطع مصورة قالت إنها توثق لحظة استهدافه بواسطة مسيّرة حارقة. وعلى الرغم من الحريق، لم تُسجل أي إصابات بين الطاقم أو المتطوعين الذين كانوا على متنه، ما جعل من الحادثة رسالة تهديد أكثر منها محاولة إيقاع خسائر بشرية.
تضارب الروايات والتحقيقات الجارية
بينما أكد فريق الأسطول أن الحادثة كانت هجومًا متعمدًا بواسطة طائرة مسيّرة، رجّحت مصادر تونسية رسمية أن الحريق نجم عن خلل داخلي سببه اشتعال إحدى سترات النجاة. التحقيقات لا تزال مستمرة، وسط غياب أي إعلان رسمي عن جهة تقف وراء الحادث، لكن الحادثة أثارت قلقًا واسعًا من محاولات منظمة لإفشال مهمة الأسطول قبل تحركه.
من جانبها، حذرت أوساط حقوقية دولية من خطورة استهداف الأسطول، معتبرة أن القافلة البحرية تمثل تحركًا سلميًا مشروعًا يندرج ضمن حقوق المدنيين في التنقل ورفع الحصار عن المدنيين في غزة. كما طالبت هذه الأوساط بتوفير حماية عاجلة للقوارب المتبقية التي ما تزال ترسو في الموانئ التونسية استعدادًا للإبحار.
رسالة الأسطول ورمزيته
يأتي أسطول الصمود امتدادًا لمبادرات دولية سابقة هدفت إلى تحدي الحصار البحري الإسرائيلي على غزة، مثل "أسطول الحرية" الذي تعرض عام 2010 لهجوم دامٍ من قبل القوات الإسرائيلية أوقع ضحايا بين المشاركين. ويحمل القارب المستهدف رمزية خاصة، إذ كان من المفترض أن يقود الرحلة البحرية التي تضم متطوعين ونشطاء حقوقيين من جنسيات مختلفة، جاؤوا لإيصال رسالة تضامن مع سكان القطاع المحاصر.
ورغم الحادثة، أعلن القائمون على المبادرة عزمهم الاستمرار في الإبحار وعدم الرضوخ للتهديدات، مؤكدين أن الهدف من الرحلة ليس فقط إيصال المساعدات الرمزية، بل تسليط الضوء عالميًا على معاناة سكان غزة، الذين يواجهون حصارًا خانقًا يقيّد دخول المواد الغذائية والدوائية والوقود.
تداعيات سياسية وأمنية
الحادثة تضيف طبقة جديدة من التوتر على الساحة الإقليمية، حيث يُنظر إلى أي استهداف لأسطول مدني يحمل ناشطين حقوقيين على أنه خرق للقوانين الدولية وتهديد لحرية الملاحة. كما تضع تونس أمام تحديات أمنية إضافية، لكون الاستهداف وقع قرب سواحلها وأثناء استعداد الأسطول للإبحار من أحد موانئها الرئيسية.
في ظل هذا المشهد، تبقى الأنظار موجهة نحو الخطوة التالية للقائمين على أسطول الصمود: هل سيتمكن من الإبحار نحو غزة متحديًا المخاطر، أم أن الحادثة ستفرض عليه إعادة النظر في خططه؟