إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن تسليم حركة "حماس" لسلاحها للسلطة الفلسطينية يمثل خطوة استراتيجية أساسية في مسار إعادة بناء الدولة الفلسطينية ولا تقتصر على الجانب الأمني فحسب، وانما تحمل دلالات سياسية واقتصادية واجتماعية، إذ تتيح للسلطة فرض سيطرتها على غزة وتوحيد المؤسسات الفلسطينية تحت سلطة واحدة، مما يعزز قدرة الدولة على تقديم الخدمات وإعادة الإعمار بعد الصراع.
التركيز على دولة غير مسلحة يوضح إدراك القيادة الفلسطينية أن تفكيك التسلح الجماعي يشكل شرطاً لإقامة مؤسسات مستقرة وقانون واحد يمكنه فرض النظام وتعزيز حكم الدولة.
يرى مراقبون أن السيطرة على السلاح ترتبط أيضًا بإمكانية تنظيم العملية السياسية الداخلية، بما في ذلك إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في إطار التزامات دستورية وسياسية محددة، تضمن الالتزام بالبرنامج السياسي الفلسطيني والمعايير الدولية.
الأبعاد الدولية لهذا القرار مهمة أيضًا، الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين قبل انعقاد المؤتمر الدولي للسلام يدعم الشرعية الدولية للخطوات الفلسطينية، ويقوي موقف القيادة في المفاوضات المستقبلية على أساس حل الدولتين، فرض سلطة واحدة في غزة وإعادة بناء مؤسسات الدولة يهدفان إلى الحد من الانقسامات الداخلية وتوحيد الموقف الفلسطيني أمام التحديات الإقليمية، بما في ذلك التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي وتداعيات النزاع على المدنيين.
القيادة الفلسطينية تسعى إلى استثمار نهاية الحرب لإعادة ضبط الواقع الأمني والسياسي الداخلي، وتأمين بيئة مناسبة لإجراء الانتخابات، مع وضع أسس الدولة المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتوفير شروط التعايش السلمي مع إسرائيل وفق معايير الأمن والاستقرار.
خطوة تسليم السلاح ليست مجرد إجراء تنظيمي، بل جزء من مشروع شامل لإعادة بناء الدولة، وتقوية مؤسساتها، وضمان وحدة القرار السياسي والأمني، بما يسهم في تحقيق السلام والاستقرار على المدى الطويل.
حضر اللقاء رئيس دائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير زياد أبو عمرو، ومستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، وسفير فلسطين لدى المملكة المتحدة حسام زملط، مع دعم المجتمع الدولي للخطوات الفلسطينية نحو السلام وإعادة الإعمار.