النزوح يضغط على البنية التعليمية في سوريا

رزان الحاج

2025.09.08 - 05:12
Facebook Share
طباعة

 تحولت الصفوف الدراسية في مدارس بلدة إبطع في ريف درعا الجنوبي إلى مساكن مؤقتة تستقبل عشرات العائلات النازحة، بعد تصاعد القتال في مناطق السويداء. تتشارك ثلاث أو أربع عائلات في كل صف، حيث ينام الأطفال والنساء داخل الغرف، بينما يقيم الرجال في ساحات المدرسة بسبب ضيق المكان وغياب الخصوصية.


النزوح جاء بعد اندلاع مواجهات عنيفة بين عشائر بدوية وفصائل محلية، تصاعدت لتشمل قتالًا بين مسلحين من العشائر وقوات الحكومة من جهة، وفصائل محلية من السويداء من جهة أخرى. وتسبب هذا القتال بمقتل المئات من المدنيين، وفق تقارير حقوقية، وسط تدخل محدود لطائرات الاحتلال الإسرائيلي في بعض الغارات.


رغم مرور أكثر من شهر على بدء النزوح، يعيش آلاف الأشخاص بلا أي آفاق واضحة للعودة إلى قراهم، ويخشى البعض أن يؤدي الوضع إلى تغييرات ديمغرافية دائمة في المنطقة. تقدر أعداد النازحين حاليًا بأكثر من 164 ألف شخص، بينهم دروز وبدو، يعيشون في ظروف صعبة للغاية، مع نقص مستمر في المساعدات الإنسانية الأساسية.


المدارس والفنادق وحتى بعض المراكز المجتمعية تحولت إلى مراكز إيواء مؤقتة، تعكس حجم الأزمة الإنسانية المتفاقمة. يعاني النازحون من نقص الغذاء والماء والمرافق الصحية، كما يواجهون صعوبة في تأمين احتياجاتهم اليومية، في ظل ضعف وجود الحكومة على الأرض لتوفير حلول دائمة.


القصص الفردية تؤكد حجم المعاناة. هناك أسر فقدت أفرادها في القتال أو أثناء محاولتهم الفرار، وآخرون تعرضت منازلهم للنهب أو الاستيلاء من قبل جماعات مسلحة. يعيش البعض في خوف دائم، بين انتظار المساعدات أو محاولة تأمين مأوى بديل، وسط بيئة أمنية متوترة ومعقدة.


الوضع في السويداء يعكس حالة أكبر من الفراغ الأمني والاجتماعي، حيث تزايدت النزاعات بين المكونات المحلية والعشائر، ما أدى إلى تعطيل العودة الطبيعية للسكان إلى قراهم. ومع غياب خطة واضحة للتعامل مع النزوح، يبقى المستقبل غامضًا، والعودة إلى المناطق الأصلية غير مضمونة، خصوصًا مع استمرار الانقسامات السياسية والاجتماعية في المنطقة.


النازحون يعتمدون حاليًا على المساعدات الإنسانية العاجلة، مع دعوات متكررة لتوفير دعم أكبر يضمن الحد الأدنى من حقوقهم الإنسانية. ورغم جهود بعض المنظمات الدولية والمحلية، إلا أن حجم الاحتياجات يفوق الموارد المتاحة، ما يجعل الأزمة مستمرة دون حل سريع.


في ظل هذه الظروف، تحولت المدارس ومراكز الإيواء إلى رمز لمعاناة النازحين اليومية، حيث يتقاسمون المساحات الضيقة، ويعيشون في ظروف صعبة، بينما تستمر التوترات بين مختلف الأطراف في تأجيج الوضع وعدم الاستقرار.


يبقى الملف مفتوحًا، مع حاجة ماسة لتدخلات إنسانية عاجلة وتخطيط طويل الأمد لحماية المدنيين وضمان العودة الآمنة لهم، وإيجاد حلول لتخفيف الأضرار التي خلفتها الاشتباكات الأخيرة في جنوب سوريا.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 7