أعلنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة درعا، السبت 6 أيلول، عن إطلاق حملة تستهدف ضبط السلاح المنتشر بشكل غير قانوني في مختلف مناطق المحافظة، في خطوة قالت إنها تهدف إلى حماية المجتمع وتعزيز الاستقرار.
وجاء في بيان صادر عن القيادة أن انتشار السلاح بصورة عشوائية يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين ويُعدّ مخالفة واضحة للقوانين والأنظمة النافذة، مؤكدة أن السلاح يجب أن يبقى وسيلة لحماية الوطن لا أداة للابتزاز أو الاستعراض أو زعزعة الأمن.
تعليمات صارمة
البيان شدّد على منع حمل السلاح في الأماكن العامة منعًا باتًا، كما حظَر مظاهر التباهي بالسلاح في المناسبات أو التجمعات، أو استخدامه في أي شكل من أشكال التهديد. وأكدت قيادة الأمن الداخلي أنها ستتعامل بحزم مع أي مخالفة، متوعدة باتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق كل من يُضبط وهو يحمل سلاحًا خارج الأطر المصرّح بها.
ودعت القيادة السكان إلى التعاون الكامل مع الأجهزة الأمنية عبر الإبلاغ عن أي حالة اشتباه أو سلوك مسلح غير مألوف، معتبرة أن المسؤولية في الحفاظ على الاستقرار "مشتركة بين المؤسسة الأمنية والمجتمع المحلي"، على حد وصفها.
كما نشرت القيادة أرقامًا للتواصل مع المواطنين من أجل تلقي البلاغات: الهاتف الأرضي (2226644)، والهواتف الجوالة (0940097601) و(0932006978).
خطة أوسع لوزارة الداخلية
تأتي الحملة ضمن خطة أشمل أطلقتها وزارة الداخلية لضبط السلاح المنفلت على مستوى البلاد، بعد تزايد المخاوف من انعكاساته الأمنية والاجتماعية. وقالت قيادة الأمن الداخلي إن هذا التحرك يصب في إطار "حماية حياة المدنيين وصون هيبة القانون".
وبحسب مصادر محلية، فإن هذه الخطوة ترتبط بسعي الحكومة إلى حصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية، في ظل سلسلة من الحوادث الأمنية التي شهدتها المحافظة مؤخرًا، وراح ضحيتها مدنيون وعناصر محلية.
تصاعد في الحوادث الأمنية
المشهد الأمني في درعا خلال الأسابيع الماضية كان متوترًا بشكل لافت. ففي 1 أيلول، تعرّض القيادي السابق في حركة "أحرار الشام"، منيف القداح المعروف بـ"الزعيم"، لمحاولة اغتيال في مدينة درعا. وبعدها بأيام، في 7 أيلول، أطلق مسلحون مجهولون النار على محامٍ في بلدة معربة بريف درعا الشرقي، ما أدى إلى مقتله على الفور.
وفي 3 أيلول، استهدف مجهولون محلًا لبيع الهواتف المحمولة في بلدة اليادودة، بينما شهد شهر آب سلسلة هجمات مشابهة طالت محال تجارية في بلدة المزيريب. وفي 30 من الشهر نفسه، قُتل الشاب زكوان الأبا زيد برصاص طائش عقب صدور نتائج الشهادات الثانوية، بالتزامن مع مقتل طفلة في بلدة نامر بريف درعا الشرقي للسبب ذاته.
هذه الحوادث المتكررة، وفق مراقبين، دفعت السلطات إلى التحرك سريعًا لإطلاق حملة تضبط استخدام السلاح وتحدّ من انتشاره.
مواقف سابقة للأمن الداخلي
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تتخذ فيها قيادة الأمن الداخلي في درعا إجراءات لحماية السلم الأهلي. ففي تموز الماضي، أوقفت القيادة مجموعة من عناصرها بعد ظهورهم في مقطع مصوّر تداولته مواقع التواصل الاجتماعي، تحدثوا فيه عن قضايا مرتبطة بالسلم الأهلي من دون تفويض رسمي.
وأوضحت القيادة آنذاك أن تصريحات العناصر تمثل خرقًا واضحًا للأنظمة، مؤكدة أن أي مواقف رسمية تصدر فقط عن الجهات المخولة، وأن المؤسسة الأمنية ملتزمة بالضوابط المهنية وبالعمل على مسافة واحدة من جميع أبناء المحافظة.
رسالة ختامية
الحملة الجديدة لضبط السلاح في درعا تحمل، بحسب مراقبين، رسائل متعددة: فهي محاولة لفرض سيطرة أمنية أكبر في منطقة تشهد منذ سنوات مزيجًا من الانفلات الأمني والتجاذبات السياسية، كما تعكس رغبة رسمية في استعادة ثقة الشارع وتعزيز حضور الدولة.
وتبقى استجابة الأهالي وتعاونهم مع الأجهزة الأمنية العامل الحاسم في نجاح هذه الخطة، خاصة في ظل استمرار الحوادث التي تثير المخاوف بشأن مستقبل الاستقرار في المحافظة.