منشآت حيوية تحت النار في صراع أوكرانيا وروسيا

2025.09.07 - 08:59
Facebook Share
طباعة

 تشهد الحرب الروسية الأوكرانية فصلاً جديداً من التصعيد العسكري، حيث تبادل الطرفان خلال الساعات الماضية هجمات جوية بالصواريخ والطائرات المسيّرة، استهدفت منشآت حكومية ونووية ونفطية على جانبي الجبهة. وأدت هذه الضربات إلى سقوط ضحايا مدنيين واندلاع حرائق في مواقع استراتيجية، مما يعكس خطورة المرحلة التي وصلت إليها المواجهة المستمرة منذ أكثر من عامين ونصف.

 

كييف تحت القصف

العاصمة الأوكرانية كانت على موعد مع واحدة من أعنف الموجات الهجومية، حيث أصابت الصواريخ الروسية مبنى الحكومة الواقع في منطقة بيشيرسكي، ما تسبب باندلاع حريق ضخم شوهد دخانه الكثيف من مختلف أنحاء المدينة. وأدى القصف أيضاً إلى انقطاع الكهرباء عن أحياء واسعة في كييف، ما أعاد إلى الأذهان مشاهد الشتاء الماضي عندما تركت الضربات الروسية الملايين في الظلام والبرد.

ولم تقتصر الأضرار على المباني الحكومية، إذ لقيت امرأة وطفل مصرعهما إثر سقوط قذائف على مجمع سكني مؤلف من 16 طابقاً، بينما سجلت منطقة سومي شمال شرقي البلاد مقتل شخص آخر في ضربة جوية، ما يؤكد أن المدنيين ما زالوا يدفعون الثمن الأكبر في هذه الحرب.

 

محطة زاباروجيا النووية… مصدر قلق دائم

أحد أكثر التطورات إثارة للقلق كان استهداف الطائرات المسيّرة الأوكرانية منشأة تدريب داخل محطة زاباروجيا النووية، وهي الأكبر في أوروبا وتقع تحت السيطرة الروسية منذ الأسابيع الأولى للحرب. ورغم أن الهجوم لم يسفر عن أضرار جسيمة أو أي تسرب إشعاعي، إلا أن قربه من وحدات المفاعلات – نحو 300 متر فقط – أعاد المخاوف الدولية من احتمال وقوع كارثة نووية إذا استمر تبادل الضربات في محيط المحطة.

التحذيرات تتزايد من أن أي خطأ أو خلل قد يحوّل المحطة إلى قنبلة موقوتة، ما يضاعف الضغوط على الأطراف الدولية للتدخل وضمان تحييد هذا الموقع الحساس عن الصراع.

 

النار تصل إلى روسيا

على الجانب الآخر من الحدود، تعرضت مصفاة إيلسكي للنفط في منطقة كراسنودار الروسية لهجوم بطائرات مسيرة، تسبب في اندلاع حريق داخل إحدى وحدات المعالجة. وعلى الرغم من أن فرق الإطفاء تمكنت من السيطرة على النيران سريعاً دون تسجيل إصابات، فإن الحادث يعكس تصاعد قدرة أوكرانيا على استهداف منشآت داخل العمق الروسي، لا سيما في قطاع الطاقة الذي يمثل شرياناً حيوياً لاقتصاد موسكو.

إجلاء العمال وإغلاق بعض الوحدات الصناعية أعطى الانطباع بأن مثل هذه الضربات قادرة على إحداث تأثير نفسي واقتصادي يتجاوز حجم الأضرار المباشرة، خصوصاً إذا تكررت على منشآت نفطية وغازية أخرى.

 

حرب بلا أفق تسوية

الهجمات المتبادلة جاءت في وقت تبدو فيه مساعي التسوية السياسية متوقفة تماماً. وعلى الرغم من محاولات بعض الوسطاء، بينهم الولايات المتحدة عبر مبادرة الرئيس دونالد ترامب لإقناع الرئيسين فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، إلا أن الطرفين متمسكان بمواقفهما. روسيا تشترط تخلي أوكرانيا عن أي مسعى للانضمام إلى التحالفات العسكرية الغربية، بينما تطالب كييف بانسحاب القوات الروسية من جميع الأراضي التي تسيطر عليها، والتي تشكل نحو خمس مساحة البلاد.

 

جبهات مشتعلة

ميدانياً، تواصل القوات الروسية تقدمها التدريجي في شرق وجنوب أوكرانيا، مستفيدة من نقص التسليح والذخيرة لدى القوات الأوكرانية. الخطوط الأمامية الممتدة لمئات الكيلومترات تشهد يومياً معارك استنزاف، تتخللها هجمات بالطائرات المسيّرة التي أصبحت سلاحاً رئيسياً في هذه الحرب، سواء في استهداف البنية التحتية أو ضرب المواقع العسكرية.

 

المخاطر تتعاظم

التصعيد الأخير يطرح أسئلة جدية حول مستقبل الحرب التي لا تبدو قريبة من نهايتها. فالهجمات على مبانٍ حكومية في كييف، ومحطة نووية بحجم زاباروجيا، ومنشآت نفطية في روسيا، تكشف أن خطوط الاستهداف باتت مفتوحة على كل الاحتمالات، وأن المدنيين والبنية التحتية الاستراتيجية على السواء يقفون في مرمى النيران.

وفي ظل غياب أفق سياسي واضح، يخشى المراقبون أن تؤدي هذه الجولة الجديدة من التصعيد إلى زيادة الكلفة الإنسانية والمادية للحرب، وتوسيع رقعة المخاطر بما يهدد استقرار المنطقة بأكملها.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 5