في 27 أغسطس 2025، ظهر السيد كنان وقاف، المعروف بمعارضته لنظام الأسد، وأعلن تأسيس المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا، وهو كيان جديد يشكل امتدادًا للناشطين الإعلاميين السوريين الخارجين عن البلاد، نتيجة معارضتهم للنظامين السابق والحالي.
مع هذا الإعلان، اكتملت صورة الأقاليم السورية المقترحة: الشمال، الشرق، الجنوب، وأخيرًا الوسط والغرب، ما يعكس محاولة لترسيخ مفهوم تقسيم سوريا وتحريك ملامح خريطة جديدة ربما تحل محل ما تبقى من اتفاق سايكس–بيكو، وفق رؤية المجلس.
بند السلام: هل من العدو ومن الصديق؟
البند الأول في البيان التأسيسي تناول موضوع السلام، لكنه أثار علامات استفهام كبيرة. فقد وصف المجلس السلطة الحالية بأنها "منظومة إرهابية"، وطالب مجلس الأمن الدولي بالقبض على الرئيس المؤقت أحمد الشرع ووزير خارجيته وأعضاء حكومته، واعتبرهم خارجين عن القانون. كما طالب بتطبيق القرار 2254 لنقل السلطة إلى هيئة منتخبة محليًا.
ومع ذلك، أغفل البيان أي إشارة إلى إسرائيل: هل هي حليف محتمل أم عدو للأقليم؟ بينما ذكر تركيا صراحة باعتبارها داعمة للسلطة الحالية وخصمًا محتملًا لإقليم وسط وغرب سوريا، مما يطرح تساؤلات حول دلالات هذا الإغفال.
الفيدرالية: القانون بدل الحرب
البند الثاني ركز على الفيدرالية كخيار أساسي، معتبرًا أنها لا تمنع الحرب فحسب، بل تحول دونها عبر استبدال النزاع بالقانون، ما يمثل الحل النهائي للنزاعات الداخلية.
التركيبة الداخلية: لون واحد مقابل التنوع
رغم انتقاد المجلس للسلطة المؤقتة بسبب سيطرتها "بلون واحد"، فإن المجلس نفسه يضم حقوقيين وناشطين وإعلاميين من لون سياسي موحد، ما يثير التساؤل حول مدى مصداقية تنوعه. وقد برر مسؤولو المجلس هذا الوضع باعتباره نتيجة للسياسات السابقة للسلطة، مؤكدين أن أعضائه سيشملون كافة مكونات الإقليم مستقبلاً.
التمويل والتحالفات: من يقف خلف المجلس؟
التساؤل الأكبر بعد إعلان المجلس كان حول الجهة الداعمة له، وهل هو نواة حقيقية لفيدرالية وسط وغرب سوريا أم مجرد منصة لإصدار البيانات؟
مصطفى رستم، أحد أعضاء المجلس، نفى وجود أي جهة خارجية تدعم المجلس، مؤكداً أن الظروف المحلية والممارسات "الإرهابية" في إقليم الساحل هي التي فرضت إنشاء المجلس.
أما التحالفات المستقبلية، فحسب كنان وقاف، فإن المجلس سيسعى للتعاون مع جهات لا تحمل عداوة تجاه إقليم الوسط والغرب، وهو ما قد يتيح له نوعًا من الشرعية الشعبية، خاصة بعد الفراغ السياسي الذي خلفته السلطة الحالية في تعيين قيادات محلية "بلون واحد".
الفيدرالية مقابل الانفصال: رسالة مبطنة
يشير المجلس إلى أن الفيدرالية حالياً هي أقل الخيارات، مع إمكانية استدعاء رأي الشارع لاحقاً حول الانفصال عن سوريا الأم، ما يعد تهديدًا ضمنيًا للسلطة الحالية لقبول هذا المشروع.
القدرة على التنفيذ: بين الإعلان والواقع
حتى الآن، لا يمتلك المجلس أدوات تنفيذية على الأرض داخل الإقليم، ويعتمد على خلق بيئة حاضنة لمشروعه. ورغم ذلك، فإن الاحتضان الشعبي الأولي قد يتيح له تطوير أدوات فاعلة في المستقبل، مما قد يجعل من المجلس لاعبًا سياسيًا مؤثرًا على الأرض.
الخلاصة
المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا يمثل خطوة جديدة على خريطة الصراعات السورية، مدعومة جزئيًا من جهة خارجية لها مصلحة في الفيدرالية أو تقسيم سوريا، لكن التفاصيل النهائية حول نفوذ هذا الكيان وقدرته على التنفيذ لا تزال غامضة. المستقبل السياسي للإقليم سيعتمد على قدرة المجلس على التوازن بين الطموح المحلي والدعم الخارجي، وبين الفيدرالية والتهديد المحتمل لوحدة البلاد.