تمر ليبيا بمرحلة حرجة فيما يخص الانتخابات والشرعية السياسية، بعد سنوات طويلة من الانقسامات والصراعات بين الشرق والغرب.
الانتخابات المتأخرة أو المؤجلة بشكل متكرر أثرت بشكل مباشر على شرعية الحكومة والمؤسسات، وزادت من عدم الثقة بين المواطنين والسلطات الرسمية، الخلفية تعود إلى 2014، عندما انقسمت البلاد بين حكومة مؤقتة في الشرق وحكومة وحدة في الغرب، ما أعاق أي عملية انتخابية موحدة وأوجد فراغًا سياسيًا مستمرًا.
الانتخابات تعتبر حاليًا عاملًا محوريًا لإعادة الاستقرار، لكنها تواجه تحديات كبيرة. أولًا، الانقسامات السياسية والطائفية تعيق التوافق على القوانين والإجراءات اللازمة لإجرائها بشكل نزيه وشفاف. ثانيًا، ضعف المؤسسات الإدارية والأمنية يزيد من صعوبة تنظيم العملية الانتخابية وضمان حمايتها من التأثيرات المسلحة أو الضغط من الأطراف المحلية والإقليمية. ثالثًا، تدخلات القوى الإقليمية والدولية تلعب دورًا مزدوجًا، فهي قد تدعم الاستقرار من خلال مراقبة الانتخابات، لكنها في الوقت نفسه قد تستخدم الضغط السياسي لتحقيق مصالح خاصة.
يرى مراقبون لعدم إجراء الانتخابات أو فشلها واضحة، إذ أن استمرار الفراغ السياسي يفاقم انعدام الاستقرار ويترك المجال للمليشيات المسلحة للسيطرة على أجزاء واسعة من البلاد.
هذا الوضع يزيد من مخاطر النزاع الداخلي، ويضعف قدرة الحكومة على تقديم الخدمات الأساسية أو إدارة الاقتصاد الذي يعتمد بشكل كبير على النفط. كما أن الفشل في استعادة الشرعية الانتخابية ينعكس سلبًا على الثقة الدولية في ليبيا، ويقلل من فرص الدعم الاقتصادي والسياسي الخارجي.
في المقابل، إجراء انتخابات حرة وشفافة قد يعزز شرعية المؤسسات ويتيح إعادة ترتيب السلطة بطريقة توافقية، ما يقلل من النفوذ المفرط للمليشيات ويعيد التوازن بين الأطراف المختلفة.
السيناريو الأكثر احتمالية هو استمرار المفاوضات مع احتمال تأجيل الانتخابات لمرات إضافية، إلا أن الضغط الشعبي والدولي قد يفرض تنفيذها، مع نتائج غير مضمونة بسبب الانقسامات العميقة.
الانتخابات ليست مجرد عملية إجرائية، بل هي مفتاح لإعادة بناء الشرعية واستقرار الدولة الليبية، وما لم يتم تجاوز العقبات الداخلية والخارجية، سيظل الفراغ السياسي أحد أبرز عوامل ضعف الدولة وتأزم الوضع الأمني والاقتصادي.