لم يعد الاعتراف بدولة فلسطين حبيس الأدراج الدبلوماسية، إذ تتحرك قوى أوروبية مؤثرة نحو اتخاذ خطوة رسمية قد تغير قواعد اللعبة بعد عقود من الانتظار والجمود السياسي. ووفق تقرير لوكالة رويترز، فإن بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا وبلجيكا تعتزم التصويت لصالح الاعتراف خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، مع إبقاء لندن احتمال التراجع إذا تجاوبت إسرائيل بخطوات إنسانية وسياسية ملموسة.
فلسطين كانت قد أعلنت استقلالها عام 1988 عبر منظمة التحرير، وحصلت منذ ذلك الوقت على اعتراف 147 دولة من أصل 193 عضوًا بالأمم المتحدة، لكن غياب العضوية الكاملة يظل مرتبطًا بحق النقض الأميركي في مجلس الأمن.
على الأرض، تدير السلطة الفلسطينية شؤونًا محدودة في الضفة الغربية، فيما تسيطر حماس على قطاع غزة منذ عام 2007، مع استمرار تحكم إسرائيل في الحدود والمعابر والاقتصاد.
الدول الأوروبية ترى أن الاعتراف يمثل وسيلة ضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان وتخفيف الحصار، بينما أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أن الخطوة يجب أن تتزامن مع إصلاحات فلسطينية تعزز فاعلية السلطة وتجعلها شريكًا أكثر جدارة لإدارة مرحلة ما بعد الحرب.
في المقابل، وصفت الحكومة الإسرائيلية، التي تُعد الأكثر يمينية في تاريخها، الاعتراف بأنه مكافأة على هجمات أكتوبر 2023، وأكدت رفضها التخلي عن السيطرة الأمنية.
أما واشنطن فقد سارعت إلى فرض عقوبات على قيادات فلسطينية، بما في ذلك تقييد سفرهم إلى الولايات المتحدة.
وبينما قد يظل الاعتراف محدود الأثر من الناحية العملية، فإنه يفتح ثغرة في الموقف الغربي التقليدي، ويعيد الدولة الفلسطينية إلى واجهة المشهد الدولي كخيار لا يمكن تجاهله.
سيناريوهات الاعتراف
في حال تمت، قد تتجه بعض الدول إلى مراجعة علاقاتها التجارية مع إسرائيل، خصوصًا ما يتعلق بمنتجات المستوطنات. كما قد يمنح الاعتراف السلطة الفلسطينية شرعية مضاعفة تسمح لها بالدخول في شراكات استراتيجية جديدة، وإن كانت دون سيادة فعلية على الأرض. أما إذا تراجعت لندن أو تباطأت باريس تحت ضغط أميركي، فقد يبقى الاعتراف محصورًا في رمزيته، لكنه سيؤسس لمرحلة قادمة يكون فيها الضغط الدولي على إسرائيل أكثر وضوحًا، مع احتمال أن يشكل مدخلًا لإعادة إحياء مشروع حل الدولتين بصيغة جديدة.