عندما تقول الإمارات لا.. نتنياهو يسمع ويطيع!

أماني إبراهيم/ وكالة أنباء آسيا

2025.09.04 - 02:37
Facebook Share
طباعة

في تحول غير متوقع على الساحة الإسرائيلية، بدا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكأنه اكتشف فجأة حدود تأثير الدبلوماسية الإقليمية، حين أُجبر على سحب خطة فرض السيادة على الضفة الغربية من جدول أعمال اجتماع أمني رفيع المستوى.

خطوة أثارت الدهشة وأظهرت بوضوح أن حتى أقوى السياسات الإسرائيلية قد تتوقف أمام "خط أحمر" من أبوظبي. القرار لم يكن مجرد تحرك داخلي؛ بل كان درسًا عمليًا في كيفية توازن إسرائيل بين طموحاتها الإقليمية والضغوط الدبلوماسية الخارجية، خاصة من دولة باتت شريكًا استراتيجيًا في المنطقة.

هذه اللحظة تكشف أن السياسة في الشرق الأوسط ليست مجرد قوة أو نفوذ عسكري، بل لعبة دقيقة من الاستجابة والاحتساب الدبلوماسي، حيث يستطيع تحذير واحد من الخارج أن يغير خارطة القرارات داخل تل أبيب. وبينما كانت الحكومة الإسرائيلية تستعد لإعلان سيطرتها على أجزاء من الضفة الغربية، كانت الإمارات قد وضعت اليد على الزناد، لتعيد رسم حدود اللعبة السياسية في المنطقة.

 

وفي خطوة مفاجئة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن سحب خطة فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية من جدول أعمال اجتماع أمني رفيع المستوى كان مقرراً عقده اليوم الخميس. القرار جاء بعد تحذيرات من دولة الإمارات العربية المتحدة، التي اعتبرت الخطة "خطاً أحمر" قد يؤدي إلى تصعيد خطير في المنطقة، في وقت تسعى فيه إسرائيل للحفاظ على توازن دبلوماسي دقيق مع شركائها الخليجيين.

كانت الحكومة الإسرائيلية قد أعدّت خطة لفرض السيادة على أجزاء من الضفة الغربية، بهدف تثبيت السيطرة على مناطق استراتيجية، وتعزيز النفوذ الأمني والسياسي في قلب النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. من المقرر أن يناقش الاجتماع الأمني، الذي يضم كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين، تفاصيل هذه الخطة، بما يشمل تحديد المناطق المستهدفة والجدول الزمني للتنفيذ. غير أن التحذيرات الإماراتية دفعت إسرائيل إلى إعادة تقييم المخاطر، وأجبرت نتنياهو على اتخاذ قرار تأجيل النقاش رسمياً.

الإمارات، التي كانت قد دخلت في اتفاقية تطبيع مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، اعتبرت أي خطوة لفرض السيادة على الضفة الغربية تصعيداً خطيراً قد يهدد الاستقرار الإقليمي، ويؤثر سلباً على علاقات إسرائيل بدول الخليج الأخرى. التحذيرات الإماراتية تضمنت إشارات ضمنية إلى إمكانية تجميد أو مراجعة التعاون الاستراتيجي والاقتصادي في حال تنفيذ الخطة.

على الصعيد الدولي، أبدت عدة دول أوروبية تحفظها على أي إجراءات أحادية قد تزيد التوتر في المنطقة، مؤكدة أن حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المفاوضات والالتزام بالقانون الدولي، بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالضفة الغربية والقدس الشرقية.

الضفة الغربية تشهد توتراً متزايداً، خصوصاً في مناطق النفوذ الإسرائيلي ومحيط المدن الفلسطينية الكبرى. الجيش الإسرائيلي كان يستعد لمواجهة أي احتجاجات محتملة، مع تعزيز نقاط التفتيش ومتابعة النشاطات العسكرية للفصائل الفلسطينية. التحركات الأخيرة تشير إلى أن إسرائيل تركز على إدارة التصعيد الأمني والحد من أي انفجار محتمل للتوتر، مع الحفاظ على القدرة على التحرك العسكري عند الحاجة.

انسحاب نتنياهو عن الخطة يظهر قدرة الضغوط الدبلوماسية الإقليمية على التأثير في قرارات الحكومة الإسرائيلية، ويبرز أهمية العلاقات الإسرائيلية-الخليجية كعامل استراتيجي في صنع القرار السياسي. كما يعكس ذلك أن إسرائيل، رغم سيطرتها العسكرية، لا يمكنها تجاهل الاعتبارات الدولية والإقليمية عند اتخاذ قرارات أحادية بشأن الضفة الغربية.

المراقبون يشيرون إلى أن هذه الخطوة قد تمنح فرصاً للفلسطينيين لتثبيت وجودهم السياسي والدبلوماسي، خصوصاً في سياق الاعتراف الدولي المحتمل بالدولة الفلسطينية، الذي قد يناقش في الجمعية العامة للأمم المتحدة في الأسابيع المقبلة.

هذا التطور يؤكد أن السياسة الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية لم تعد مسألة داخلية فقط، بل مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعلاقات الدبلوماسية الإقليمية والدولية. ويظهر أن أي خطوات أحادية قد تؤدي إلى أزمات متعددة المستويات، تتراوح بين التصعيد الأمني الداخلي، التوتر الإقليمي، والتداعيات على العلاقات الدولية. في هذا السياق، تبقى قدرة إسرائيل على موازنة مصالحها الأمنية والدبلوماسية المحور الأساسي الذي سيحدد شكل أي خطوات مستقبلية تجاه الضفة الغربية.

الضفة الغربية تُعد قلب الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وتمثل مساحة جغرافية تبلغ حوالي 5,860 كيلومتر مربع، يسكنها نحو 3 ملايين فلسطيني، إضافة إلى نحو 450 ألف مستوطن إسرائيلي موزعين في مستوطنات قانونية وغير قانونية وفق المجتمع الدولي.

بعد حرب عام 1967، احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، ومنذ ذلك الحين تعتبر الضفة منطقة حساسة استراتيجيًا وسياسيًا. القرارات الدولية، أبرزها قرارات مجلس الأمن 242 و338، أكدت على انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة مقابل السلام، إلا أن إسرائيل استمرت في بناء المستوطنات وتوسيع نفوذها، ما أدى إلى توترات مستمرة مع الفلسطينيين والمجتمع الدولي.

2. خطة فرض السيادة الإسرائيلية

خطة فرض السيادة، أو ما يُعرف بـ"ضم أجزاء من الضفة الغربية"، كانت جزءًا من البرنامج السياسي لبعض الأحزاب الإسرائيلية، بهدف تثبيت السيطرة الإسرائيلية على مناطق استراتيجية مثل غور الأردن، وتأمين مناطق استيطانية كبيرة، إضافة إلى ما يُعرف بـ"الخط الأخضر" كحدود أمنيّة موصى بها من الحكومة الإسرائيلية.

هذه الخطة كانت ستؤدي عمليًا إلى تقليص مساحة الأراضي المتاحة للدولة الفلسطينية المستقبلية، وهو ما أثار غضب الفلسطينيين والدول الداعمة لهم، بما في ذلك الدول الأوروبية والولايات المتحدة في فترات مختلفة.

3. الجانب الفلسطيني والدبلوماسي

الفلسطينيون يعتبرون أي خطوة لفرض السيادة الإسرائيلية خرقًا صارخًا للقانون الدولي، ويؤكدون أنها تمثل تهديدًا مباشرًا لحل الدولتين. القيادة الفلسطينية كانت قد حذرت من أن أي ضم سيؤدي إلى تصعيد شعبي واسع وربما عودة المواجهات المسلحة في الضفة، مع إمكانية رفع شكوى جديدة أمام مجلس الأمن الدولي ومحكمة الجنايات الدولية.

دبلوماسيًا، هناك تحذيرات من دول عربية، أبرزها الإمارات، والتي ترى أن أي ضم سيضر بالاتفاقيات التطبيع ومصالح الأمن الإقليمي. هذه التحركات تظهر أن الفلسطينيين يعتمدون على الضغط الإقليمي والدولي لوقف أي خطوات أحادية من قبل إسرائيل.

4. التوازن الأمني الإسرائيلي

من الجانب الإسرائيلي، الضفة الغربية تمثل حزام أمني استراتيجي. الجيش الإسرائيلي يرى أن السيطرة على مناطق معينة تحمي خطوط الإمداد والاستيطان وتمنع تسلل مجموعات مسلحة فلسطينية إلى الداخل الإسرائيلي. ومع ذلك، أي خطوة أحادية مثل فرض السيادة قد تثير احتجاجات واسعة وتزيد من الهجمات الفردية أو العمليات المسلحة ضد المستوطنين والجيش، وهو ما يشكل تحديًا أمنيًا كبيرًا.

5. السياق الإقليمي والدولي

الخطوة الإسرائيلية تأتي في سياق توازن دبلوماسي هش مع دول الخليج، خصوصًا بعد اتفاقيات التطبيع. الإمارات والسعودية ودول أخرى ترى أن أي ضم أحادي للضفة الغربية سيهدد استقرار المنطقة ويضعف فرص السلام.

الدول الأوروبية والولايات المتحدة غالبًا ما تدعو إلى حل تفاوضي، مع الالتزام بقرارات الأمم المتحدة التي تؤكد على حق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة، ما يجعل أي قرار إسرائيلي أحادي الجانب عرضة للانتقادات الدولية.ط 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 7