استقبل البابا ليو الرابع عشر، في قصر الفاتيكان بروما، الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، في لقاء جاء بينما تستمر إسرائيل في شن هجمات مكثفة على قطاع غزة. هذا اللقاء يكتسب أهمية خاصة في ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعانيها المدنيون الفلسطينيون، مع استمرار الحصار وتدمير البنية التحتية الأساسية وارتفاع عدد الضحايا المدنيين. ويأتي اللقاء في وقت يزداد فيه الضغط الدولي على إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي الإنساني ووقف سياسة التهجير القسري.
ركز اللقاء على ثلاثة محاور رئيسية: إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس، مكافحة معاداة السامية، وحماية المجتمعات المسيحية في الشرق الأوسط. ومع ذلك، تبقى القضية الأهم هي الوضع الإنساني في غزة، حيث يشير آخر التقديرات إلى أن نحو 50 رهينة ما زالوا محتجزين، بينهم حوالي 20 شخصًا يُعتقد أنهم على قيد الحياة، في حين يعاني ملايين المدنيين من القصف العشوائي ونقص الغذاء والماء والكهرباء والخدمات الطبية.
وشدد البابا على ضرورة وقف العمليات العسكرية فورًا وتقديم المساعدات الإنسانية، مؤكدًا أن المدنيين الفلسطينيين يدفعون الثمن الأكبر للصراع، في ظل سياسات إسرائيلية تستهدف تدمير القطاع وإضعاف قدرات المقاومة الفلسطينية. ويعكس هذا الموقف استمرار الفاتيكان في ممارسة الضغط الدبلوماسي على إسرائيل لضمان حماية السكان المدنيين والالتزام بالقوانين الدولية.
تستمر الأزمة التي اندلعت بعد هجوم حماس في أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة، في ظل توسع الهجوم الإسرائيلي على غزة. تشير منظمات حقوق الإنسان إلى أن إسرائيل ترتكب انتهاكات واسعة تشمل القصف العشوائي للمناطق السكنية، استهداف البنية التحتية الحيوية، وفرض حصار شامل يزيد من معاناة السكان المدنيين، بما يتوافق مع ما يوصف بسياسة التهجير القسري والإبادة الاقتصادية المتدرجة.
في المقابل، يحافظ البابا على موقف دبلوماسي متوازن، داعيًا إلى وقف العنف وممارسة الضغط الدولي لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية. وتبرز أهمية الدور الفاتيكاني في كونه وسيطًا دوليًا قادرًا على فتح قنوات للتواصل بين الأطراف، مع التركيز على حماية المدنيين وحقوق الإنسان في مناطق النزاع.
يعكس اللقاء بين البابا وهرتسوغ التناقض الحاد بين النهج الإنساني الدولي والسياسات الإسرائيلية القائمة على القصف الممنهج والتدمير المنهجي للقطاع. استمرار الهجمات الإسرائيلية يشير إلى استراتيجية تستهدف إخضاع السكان الفلسطينيين، وهو ما يزيد من تفاقم الكارثة الإنسانية ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية.
كما أن الضغط الدولي على إسرائيل لم يحقق حتى الآن نتائج ملموسة على الأرض، في حين يظل السكان المدنيون الأكثر تضررًا. تشير التحليلات السياسية إلى أن دور الفاتيكان ووساطاته الدبلوماسية يبقى حاسمًا، ليس فقط لإطلاق سراح الرهائن، بل أيضًا للحد من الانتهاكات الواسعة وممارسة ضغط على إسرائيل للامتثال للقانون الدولي الإنساني.
يبقى قطاع غزة، وسط استمرار العدوان الإسرائيلي، نموذجًا صارخًا لانتهاك حقوق الإنسان، مع استمرار التدمير وإجراءات التهجير القسري. اللقاء بين البابا وهرتسوغ يؤكد على الفجوة بين الخطاب الدبلوماسي والممارسات العسكرية على الأرض، ويبرز الحاجة الملحة لمبادرات دولية أكثر فعالية لوقف الهجمات وحماية المدنيين الفلسطينيين، وتوفير ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، وفتح باب للمساءلة القانونية تجاه الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.