شهدت منطقة مروحين جنوب شرق الخط الأزرق يوم الثلاثاء الماضي حادثة خطيرة، حين أقدمت طائرات مسيرة إسرائيلية على إلقاء أربع قنابل بالقرب من عناصر قوات الأمم المتحدة العاملة ضمن اليونيفيل أثناء قيامهم بإزالة عوائق طرقية تعيق وصولهم إلى مواقعهم الحدودية. سقطت القنبلة الأولى على بعد عشرين متراً من القوات، بينما سقطت الثلاث الأخرى على مسافة تقارب مئة متر، ما شكل تهديدًا مباشرًا لسلامتهم وسلامة المعدات العسكرية التابعة لهم.
ردًا على الحادث، دان رئيس الجمهورية اللبنانية، جوزيف عون، الهجوم ووصفه بأنه أخطر انتهاك منذ توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية في نوفمبر الماضي. وأوضح أن إسرائيل كانت على علم مسبق بالعمليات، ما يشير إلى أن الاعتداء كان مخططًا ومدروسًا مسبقًا. وفي اتصال هاتفي مع قائد اليونيفيل الجنرال ديوداتو ابانيارا، شدد عون على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها المستمرة، واحترام الحصانات الدولية لقوات حفظ السلام، وتطبيق القرار 1701 بالكامل.
الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان ليست جديدة، بل تتكرر بشكل دوري، مستهدفة المدنيين والبنية التحتية، إضافة إلى قوات اليونيفيل. ففي ديسمبر 2024، تعرضت بلدة مارون الراس لهجوم أدى إلى إصابات محدودة ودمار جزئي، وفي فبراير 2025 وقع هجوم على منطقة الطيري أودى بحياة عدد من المدنيين وأصاب آخرين، فيما شهد مايو 2025 هجومًا على قوات اليونيفيل جنوب الخط الأزرق أدى إلى إصابة العسكريين وتدمير بعض المعدات، وتلاه هجوم يوليو 2025 على قرية مروحين أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين ودمار واسع.
تظهر هذه الاعتداءات أن إسرائيل تتبع سياسة مضبوطة لاستهداف الجنوب اللبناني، بما يشمل المدنيين وقوات حفظ السلام، في محاولة للضغط على لبنان والمجتمع الدولي، وإظهار قدرتها على استهداف أي هدف على طول الحدود دون احترام القرارات الدولية أو الحصانات القانونية.
الهجوم الأخير في مروحين يعكس مستوى التنسيق المخطط له، إذ كانت القوات الإسرائيلية على علم مسبق بعمليات إزالة العوائق، ما يؤكد أن الاستهداف كان متعمدًا ومسبق التخطيط، ويبرز تحديًا صارخًا لإرادة المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بحماية المدنيين ووحدات حفظ السلام.
من الناحية العسكرية، يعكس استمرار الاعتداءات على قوات اليونيفيل ضعف آليات الردع الحالية، واستغلال إسرائيل للفجوات في الرقابة الدولية لتوجيه رسائل قوتها على الأرض، مع إظهار أن أي تصعيد محدود لن يترتب عليه رد فعل قوي على المستوى العسكري أو الدولي.
يخلق هذا التصعيد المستمر بيئة غير مستقرة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ويزيد من احتمالات وقوع اشتباكات غير مقصودة أو تصعيد عسكري مباشر قد يؤدي إلى سقوط مزيد من الضحايا المدنيين والعسكريين على حد سواء، ويضع لبنان أمام تحدٍ مزدوج: حماية المدنيين وضمان سلامة قوات اليونيفيل.
يشدد الخبراء على ضرورة تحرك عاجل من مجلس الأمن والمجتمع الدولي لتعزيز آليات حماية المدنيين ووحدات اليونيفيل، بما يشمل إرسال بعثات مراقبة إضافية، وتعزيز التنسيق مع الجيش اللبناني، وفرض عقوبات على أي طرف يخرق الاتفاقيات الدولية، لضمان احترام الحصانات ومنع أي تصعيد محتمل.
توضح هذه الاعتداءات أن سياسة إسرائيل تجاه جنوب لبنان تتسم بالتصعيد المستمر وعدم احترام القرارات الدولية، وأن أي تقاعس دولي في الرد قد يشجع على مزيد من الانتهاكات، ما يجعل حماية المدنيين وضمان أمن قوات حفظ السلام تحديًا مستمرًا يحتاج إلى تدخل دولي فوري وفاعل.
-