الموت أم الرحيل؟ غزة تحت نيران الاحتلال ومأساة كبيرة تلوح في الأفق

2025.09.04 - 12:38
Facebook Share
طباعة

تشهد مدينة غزة منذ مطلع سبتمبر 2025 موجة نزوح غير مسبوقة مع تصاعد القصف والتوغلات الإسرائيلية، في وقت تستعد فيه تل أبيب لشن عملية عسكرية واسعة تهدف إلى احتلال المدينة بالكامل. هذا التصعيد يثير مخاوف من تهجير جماعي قد يصل إلى مليون فلسطيني، وسط أزمة إنسانية خانقة وغياب أفق سياسي لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو عامين.

 

مئات العائلات الفلسطينية اضطرت لمغادرة أحيائها في شرق غزة والتوجه نحو البحر، فيما تحولت منطقة الميناء إلى مخيم ضخم يفتقر لأبسط مقومات الحياة. تقارير ميدانية أكدت استهداف الجيش الإسرائيلي خياماً للنازحين ومنازل سكنية في أحياء تل الهوا والصبرة والنصر واليرموك، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا، بينهم أطفال. كما تواصل القوات الإسرائيلية عمليات التوغل البري في أحياء الزيتون والشيخ رضوان وجباليا، بالتوازي مع قصف جوي ومدفعي مكثف.

الخطة الإسرائيلية: "منطقة إنسانية" أم تهجير قسري؟

وفق ما أعلنته وحدة "كوغات"، تسعى إسرائيل لإقامة ما تسميه "منطقة إنسانية" تمتد من مخيمات وسط القطاع حتى المواصي جنوباً. لكن هذه الخطوة، التي توصف بأنها لتوفير ملاذ آمن، تُقرأ فلسطينياً ودولياً كخطوة أولى نحو إعادة رسم الخارطة السكانية للقطاع ودفع مئات الآلاف للنزوح القسري.

 

فيما طرحت حركة حماس مبادرة للتوصل إلى صفقة شاملة تشمل إطلاق سراح الأسرى وتشكيل إدارة وطنية من التكنوقراط لإدارة غزة، رفضت إسرائيل العرض واعتبرته "مناورة"، مؤكدة أن الحرب لن تنتهي إلا وفق شروطها: إطلاق سراح الرهائن، نزع سلاح الفصائل، وبسط سيطرة أمنية كاملة على القطاع. وزير الدفاع يسرائيل كاتس لوّح صراحة بأن غزة ستلقى مصير رفح وبيت حانون إن لم تستسلم حماس.

 

الرئيس الأميركي دونالد ترامب طالب حماس عبر منصته "تروث سوشال" بإطلاق سراح الرهائن العشرين فوراً، متعهداً بإنهاء الحرب حال استجابت الحركة. لكن موقف واشنطن لا يزال محكوماً باعتبارات داخلية وضغوط إسرائيلية، ما يضعف فرص تحركها كوسيط نزيه.

 

بعد 23 شهراً من الحرب، يتجاوز عدد القتلى الفلسطينيين 63 ألفاً، فيما يعاني مئات الآلاف من النزوح المتكرر، وسط نقص حاد في الغذاء والدواء والوقود. مشاهد الخيام المكدسة على شاطئ غزة تختصر حجم المأساة الإنسانية التي تتفاقم يومياً.

 

إن خطة إسرائيل لاجتياح غزة ليست مجرد عملية عسكرية، بل تحمل في طياتها مشروعاً لإعادة تشكيل الواقع الديمغرافي والسياسي في القطاع، بما يتجاوز حدود الحرب الراهنة. في المقابل، تراهن حماس على صمودها الشعبي وطرحها لصفقة سياسية قد تحرج تل أبيب دولياً. لكن استمرار المعركة بهذا النسق ينذر بتحول غزة إلى ساحة نزوح جماعي مفتوح، ما يضع المجتمع الدولي أمام اختبار صعب: إما وقف مخطط التهجير أو التواطؤ في صناعة نكبة فلسطينية جديدة.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 2