ترامب بين "المؤامرة الثلاثية" والعلاقات الجيدة مع خصوم واشنطن

2025.09.04 - 11:47
Facebook Share
طباعة

في مشهد سياسي يثير الجدل على الساحة الدولية، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليتصدر العناوين بعد تصريحاته الأخيرة التي جمعت بين السخرية والرسائل السياسية المباشرة، إذ أكد في مقابلة مع شبكة CBS News أنه يحتفظ بـ"علاقات جيدة جدًا" مع قادة روسيا والصين وكوريا الشمالية، رغم حديثه السابق عن "مؤامرة ثلاثية" محتملة ضد الولايات المتحدة.

 


الحدث بدأ مع العرض العسكري الضخم الذي أقيم في العاصمة الصينية بكين بمناسبة ذكرى هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، حيث ظهر كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جين بينغ، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون جنبًا إلى جنب في مشهد غير مألوف يعكس مستوى غير مسبوق من التنسيق بين هذه القوى. الصور التي التُقطت للزعماء الثلاثة كانت كفيلة بإشعال عاصفة من التعليقات في واشنطن، إذ فسّرها البعض كرسالة رمزية قوية موجهة للولايات المتحدة وحلفائها.

 


ترامب: "كنت أتابع.. وعلاقتي جيدة بهم جميعًا"

في المقابلة، شدد ترامب على أنه كان يتابع المشهد عن كثب:

> "أنا أفهم سبب قيامهم بذلك... كانوا يأملون أنني أتابع، وكنت أتابع بالفعل. وعلاقتي بهم جميعًا جيدة جدًا. وسنعرف مدى جودتها خلال الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين".

 

تصريحاته حملت في طياتها مزيجًا من الثقة والتهديد المبطن، حيث أراد الإيحاء بأنه يملك قنوات اتصال شخصية مع هؤلاء القادة قد تساعده على تهدئة أي تصعيد محتمل.

 


منشور مثير: "أراهن أنهم يخططون ضدنا"

قبل ساعات من المقابلة، نشر ترامب على منصته الإلكترونية تعليقًا على صور الزعماء الثلاثة، حيث كتب موجهًا كلامه إلى الرئيس الصيني:

> "أرجو أن تنقل تحياتي إلى بوتين وكيم. أراهن أنهم يخططون لأمر ما ضدنا!"

 

هذا المنشور فُسر على نطاق واسع في واشنطن على أنه محاولة من ترامب لخلط الجد بالهزل، لكنه أثار مخاوف من إمكانية تشكل محور استراتيجي جديد بين موسكو وبكين وبيونغ يانغ يتحدى النفوذ الأمريكي.

 

رد الكرملين: "ترامب يتمتع بحس الفكاهة"

الرد الروسي جاء سريعًا عبر تصريح للرئيس بوتين الذي قلّل من شأن المنشور الأمريكي، قائلاً:

> "رئيس الولايات المتحدة يتمتع بحس الفكاهة، كل شيء واضح، ونعرف هذا جيدًا".

 

تصريح بوتين فُهم على أنه محاولة لتهدئة الجدل وعدم إعطاء انطباع بوجود نية فعلية لتشكيل تحالف عسكري أو سياسي ثلاثي ضد الولايات المتحدة.

 


دلالات سياسية واستراتيجية

1. رسائل رمزية: الظهور الثلاثي في بكين يبعث برسالة واضحة بأن العلاقات بين روسيا والصين وكوريا الشمالية باتت أكثر متانة في مواجهة الضغوط الغربية.


2. ترامب والرهان على العلاقات الشخصية: الرئيس الأمريكي يواصل الاعتماد على شبكة علاقاته الخاصة مع القادة بدلًا من الأعراف الدبلوماسية التقليدية، في محاولة لإظهار نفسه كوسيط قادر على إدارة الأزمات.


3. تأثير داخلي: تصريحات ترامب تأتي في سياق صراع انتخابي محتدم داخل الولايات المتحدة، حيث يحاول إظهار نفسه كزعيم عالمي يتمتع بنفوذ لا يملكه منافسوه.


4. احتمال التصعيد: رغم النفي الروسي، يبقى احتمال تزايد التنسيق بين موسكو وبكين وبيونغ يانغ قائمًا، خصوصًا في ظل التوترات في بحر الصين الجنوبي وأوكرانيا وشبه الجزيرة الكورية.

 

الجدل الذي أثاره ترامب يعكس معادلة شائكة في السياسة العالمية: هل يمكن للعلاقات الشخصية أن تشكل صمام أمان أمام تحالفات كبرى قد تعيد تشكيل موازين القوى؟ في الوقت الذي يسخر فيه بوتين من تصريحات ترامب، تواصل الصين وروسيا وكوريا الشمالية تعزيز تقاربها الاستراتيجي، ما قد يضع إدارة واشنطن المقبلة أمام تحديات أعقد بكثير من مجرد "حس فكاهة" رئاسي.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 10