في خضم المشهد السياسي الإسرائيلي المأزوم، صعّد غادي آيزنكوت، عضو الكنيست السابق ورئيس أركان الجيش الأسبق، من لهجته تجاه زعيم حزب "أزرق وأبيض" بيني غانتس، مطالباً إياه بالاستقالة إذا بقي حزبه قريباً من نسبة الحسم الانتخابية. هذه الدعوة تأتي لتكشف عن انقسام عميق داخل معسكر الوسط – اليسار، وتطرح تساؤلات حول مستقبل غانتس السياسي وموقع حزبه في الخريطة الحزبية المقبلة.
آيزنكوت كان قد خاض انتخابات 2022 إلى جانب غانتس بعد تلقيه وعوداً بإجراء عملية "دمقرطة" داخل الحزب، تشمل انتخابات أولية لمنصب القيادة. غير أن غانتس لم يحقق هذه الوعود، ما دفع آيزنكوت إلى الانشقاق في يونيو الماضي وتقديم استقالته من الكنيست. هذه الخطوة فتحت الباب أمام تصعيد التوتر بين الرجلين، خصوصاً مع تضاؤل شعبية "أزرق وأبيض" في الاستطلاعات الأخيرة.
استطلاعات الرأي: تراجع غانتس وصعود آيزنكوت
بحسب استطلاع قناة 13 العبرية، فإن حزب غانتس لن يتجاوز أربعة مقاعد فقط، بينما أظهر استطلاع صحيفة معاريف أن الحزب لن يتمكن من عبور نسبة الحسم أساساً. في المقابل، أشار الاستطلاع نفسه إلى أن أي حزب جديد بقيادة آيزنكوت يمكن أن يحصد نحو 9 مقاعد، وهو ما يعكس انتقالاً تدريجياً للدعم الشعبي من غانتس نحو شخصيات جديدة تحمل صورة القائد الأمني – السياسي.
رد "أزرق وأبيض"
رد الحزب لم يتأخر، إذ اتهم آيزنكوت بالانشغال بالاستطلاعات، مذكّراً بأن بعضها يُظهر أنه شخصياً لن يتجاوز نسبة الحسم، وداعياً إياه للتركيز على "ما يمكن فعله اليوم من أجل الرهائن والجنود والدولة"، في إشارة واضحة إلى أن الحزب يحاول إعادة النقاش إلى القضايا الأمنية والإنسانية بعيداً عن الصراعات الداخلية.
انعكاسات سياسية
دعوة آيزنكوت لاستقالة غانتس تتجاوز بعدها الشخصي، إذ تكشف عن تفكك تدريجي لمعسكر الوسط – الذي لطالما حاول تقديم نفسه بديلاً لليمين بزعامة نتنياهو. كما أنها قد تعطي دفعة جديدة لتشكيل أحزاب صغيرة يقودها جنرالات أو شخصيات أمنية، في ظل التراجع المستمر لشعبية الأحزاب التقليدية.
المشهد الإسرائيلي يسير نحو مزيد من التشظي السياسي. انهيار "أزرق وأبيض"، أو ضعفه الشديد، قد يعزز فرص نتنياهو في البقاء، أو على العكس، يفتح المجال أمام تحالفات جديدة تقودها شخصيات عسكرية – سياسية مثل آيزنكوت. وبين هذه الحسابات، تبقى قضية الرهائن والحرب في غزة والملفات الأمنية الإقليمية هي المحكّ الحقيقي الذي سيحدد ما إذا كان الجمهور الإسرائيلي سيتجه نحو قيادات جديدة أم سيعيد تموضعه خلف الأحزاب الكبرى.