زيارة أميركية تحمل رسائل متناقضة لبيروت

2025.09.04 - 08:40
Facebook Share
طباعة

 تترقب الساحة اللبنانية يوم الأحد المقبل حدثًا سياسيًا – أمنيًا لافتًا، مع وصول الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت، يرافقها قائد القيادة المركزية الأميركية الجديد الأميرال براد كوبر، الذي تسلّم منصبه مطلع الشهر الفائت خلفًا للجنرال مايكل كوريلا. وتأتي هذه الزيارة في ظلّ تصاعد النقاشات الداخلية حول ملف السلاح، وتزايد الضغوط الإقليمية والدولية على لبنان.


اللافت في الزيارة أنّها تمثل تغييرًا في المقاربة الأميركية؛ إذ غاب المبعوث الرئاسي الأميركي توم براك عن المشهد، تاركًا الساحة لموفدة ذات خلفية إعلامية – سياسية مثل أورتاغوس، ترافقها شخصية عسكرية بارزة هي قائد القيادة المركزية. ويُعرف كوبر بكونه أحد صقور البنتاغون، وداعمًا للخيارات الأكثر تشددًا حيال ملفات المنطقة، وقد طُرح سابقًا أن جزءًا من عمل القيادة المركزية قد يوضع بتصرف وزارة الدفاع الإسرائيلية، في خطوة أثارت جدلاً واسعًا.


خلفيات الزيارة
مصادر مطلعة رأت أنّ مجيء كوبر إلى بيروت كوجهة أولى بعد توليه المنصب، بدلًا من تل أبيب أو إحدى العواصم الخليجية، يحمل دلالات خاصة تتصل مباشرة بخطة الجيش اللبناني لحصرية السلاح بيد الدولة. وتشير المعلومات إلى أنّ البحث سيتناول دعم المؤسسة العسكرية لوجستيًا وعمليًا، إلى جانب نقاشات غير معلنة حول انسحاب تدريجي محتمل للقوات الإسرائيلية من التلال الخمس، مقابل موافقة بيروت على نشر نحو ألفي جندي أميركي على طول الخط الأزرق.


وفي موازاة هذه الطروحات، كشفت اتصالات بعيدة عن الأضواء أنّ واشنطن تعمل على منع تل أبيب من تنفيذ تهديداتها بالعودة إلى الحرب إذا لم تُحسم قضية السلاح في لبنان خلال مهلة زمنية قصيرة. لكن أوساطًا دبلوماسية حذّرت من أنّ الزيارة تحمل أيضًا جانبًا ضاغطًا على الجيش، في محاولة لدفعه إلى مواجهة مباشرة مع المقاومة، وهو ما يثير قلقًا داخليًا متزايدًا.


مواقف روحية وسياسية
في الداخل اللبناني، ترافقت هذه التطورات مع مواقف لافتة من المرجعيات الروحية. فقد أعلن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان خلال مناسبة المولد النبوي أنّ "حصر السلاح بيد الدولة مطلب لبناني أصيل، ولا دولة يمكن أن تقوم بجيشين"، معتبرًا أنّ تحالف السلاح والفساد عطّل قيام الدولة، وأنّ الحفاظ على الجيش والمؤسسات هو الضمانة الوحيدة لوحدة لبنان.


وفي السياق نفسه، شدّد مجلس المطارنة الموارنة في بيانه الشهري على "ضرورة الإفادة من الظروف المتاحة عربيًا ودوليًا لاستعادة السيادة على كامل الأراضي اللبنانية"، مشيدًا بجهود الجيش في جمع السلاح غير الشرعي. كما دعا إلى تطوير العلاقات بين بيروت ودمشق بما يخدم معالجة الملفات المشتركة، من ترسيم الحدود وأمنها إلى قضايا السجناء والمفقودين.


موقف حزب الله وحلفائه
على المقلب الآخر، أكدت كتلة "الوفاء للمقاومة" رفضها لما اعتبرته "انصياعًا للإملاءات الخارجية"، مطالبة الحكومة بالتراجع عن قرارها المتعلق بسلاح المقاومة، ووصفت ما يجري بأنّه "هدايا مجانية للعدو الإسرائيلي". واعتبرت الكتلة أنّ الحكومة تبدو عاجزة إلا حين يتعلق الأمر بتنفيذ سياسات مفروضة من الخارج، محذّرة من تداعيات ذلك على الاستقرار الداخلي.


كما دعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب الحكومة إلى إعادة النظر بقراراتها الأخيرة، مشددًا على أنّها "لا تخدم مصلحة لبنان بل تصب في مصلحة المشروع الأميركي والإسرائيلي". وطالب رئيسي الجمهورية والحكومة بتحمّل مسؤولياتهما وعدم الزج بالبلاد في مواجهة مدمّرة.


توازنات دقيقة
بين زيارات دبلوماسية وعسكرية أميركية، ومواقف روحية تنادي بدولة قوية بجيش واحد، واعتراضات سياسية حادّة من قوى أساسية، يبدو أنّ لبنان مقبل على مرحلة جديدة من شدّ الحبال. فالخطة المرتبطة بحصرية السلاح تضع الحكومة أمام استحقاقات صعبة، بينما تحاول القوى الدولية ربط الدعم الموعود للجيش بخيارات سياسية حساسة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 8