السودان على حافة الانقسام: الحرب، السلطة والانتهاكات

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.09.04 - 12:53
Facebook Share
طباعة

يشهد السودان منذ أبريل 2023 صراعاً مسلحاً مستمراً بين الجيش الوطني وقوات الدعم السريع، انعكس على كامل مؤسسات الدولة، مدنها وريفها، مسببًا كارثة سياسية وإنسانية متشابكة الأبعاد، النزاع لم يقتصر على ميادين القتال، بل امتد إلى المناحي المدنية، مهددًا استقرار المنطقة برمتها.

خلفية النزاع:

تعود جذور المواجهة إلى توترات طويلة بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي نشأت كقوة شبه عسكرية مهمتها حماية الصراعات في دارفور خلال النزاعات السابقة، محاولات التسوية السياسية لم تنجح بسبب الخلاف على توزيع المناصب في المجلس السيادي والحكومة الانتقالية، إضافة إلى تدخل أطراف إقليمية ودولية سعت إلى فرض نفوذها على مجريات الأحداث. تأخرت إصلاحات مؤسسات الدولة، وفقدت أجهزة العدالة القدرة على تطبيق القانون، ما أتاح المجال لتصعيد العمليات العسكرية في مناطق عدة.

معركة السلطة:

تتجسد الأزمة في الصراع على السيطرة على مؤسسات الحكم، حيث يسعى كل طرف إلى فرض إرادته عبر فرضيات دستورية مؤقتة، الحكومة الانتقالية الحالية تواجه تحديات كبيرة في فرض سلطتها على الولايات، خصوصاً تلك التي شهدت اقتتالًا عنيفًا، مثل دارفور، الأبيض، أم درمان، والفاشر.

وفق مراقبون، التدخلات الخارجية، سواء من مصر أو الإمارات أو السعودية، أو من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، أثرت على الديناميكية السياسية، إذ ساهمت في تعزيز موقف أحد الأطراف أو الضغط على الآخر، مع ما رافق ذلك من تأثيرات اقتصادية وإنسانية مباشرة على السكان.

انتهاكات واسعة ضد المدنيين:

توضح تقارير حقوقية موثقة أن المدنيين أصبحوا ضحايا رئيسيين للصراع. فقد سجلت أكثر من 28,000 حالة قتل، و43,000 إصابة بجروح، مع تعرض آلاف النساء والعائلات للاغتصاب والاختفاء القسري. الأحياء السكنية تعرضت للقصف المباشر، والمستشفيات والمدارس تم استهدافها بشكل ممنهج، ما أدى إلى تدمير البنية التحتية الصحية والتعليمية. أحداث مثل الهجوم على مستشفى الأمومة السعودي في الفاشر، أو تدمير قرى في جبل مرة، تؤكد منظمات حقوقية عن استخدام أسلحة محرمة دوليًا وأسلحة ثقيلة ضمن العمليات العسكرية.

الأزمة الإنسانية:

الحرب أجبرت ملايين على النزوح داخل البلاد وخارجها، حيث تجاوز عدد النازحين الداخليين 8.8 مليون شخص، وفرت أكثر من 3.5 مليون لاجئ إلى دول الجوار. الوضع الغذائي والصحي يزداد سوءًا بسبب حصار بعض المناطق، ونقص الإمدادات، وانتشار الأمراض مثل الكوليرا والملاريا. المنظمات الإنسانية حذرت مرارًا من انهيار كامل للأنظمة الأساسية، مع تزايد المعاناة اليومية للسكان الذين يفتقدون الأمن والأمن الغذائي.

تداعيات سياسية وإقليمية:

تأثر المشهد السياسي بشدة نتيجة استمرار النزاع، مع تزايد الانقسام داخل الحكومة الانتقالية والمجلس السيادي. محاولات تشكيل تحالفات داخلية وخارجية لم تؤدِ إلى نتائج حاسمة، ما يهدد بانقسام دائم للدولة.
الأزمات الاقتصادية، النزوح الجماعي، والعنف المتصاعد يضع السودان أمام سيناريوهات متعددة، من استمرار الحرب إلى تدخل دولي أوسع لإعادة الاستقرار.

تداعيات المستقبل:

يرى مراقبون أن إمكانية التوصل إلى حل سياسي تبقى محدودة، ما لم تتكاتف الأطراف الوطنية والإقليمية والدولية لتطبيق حلول عملية، تشمل حماية المدنيين، احترام حقوق الإنسان، وتعزيز مؤسسات العدالة. استمرار النزاع سيؤدي إلى تدمير المزيد من المدن والقرى، مع تأثير سلبي على الجيل القادم، اقتصاد الدولة، والهيكل السياسي بكامله. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 7