لبنان وسوريا: مسار جديد لملف المفقودين

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.09.04 - 12:18
Facebook Share
طباعة

تواصل الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا جهودها لإطلاق منصة دعم دولية بعد أيام من تدشين المنصة الوطنية بالشراكة مع منظمات سورية، في خطوة تهدف إلى توحيد جهود توثيق حالات المفقودين السوريين.
في تصريحات صحفية، أوضح رئيس الهيئة، محمد رضا جلخي، أن مهام الهيئة تشمل جميع المفقودين بغض النظر عن الزمان أو المكان أو الانتماء، مع تركيز خاص على من فقدوا خلال الثورة السورية، دون إغفال الملفات الأقدم الممتدة لعقود.

زيارة بيروت وتقديرات المفقودين:

شهدت الأيام الماضية زيارة وفد الهيئة إلى بيروت لمناقشة وضع السوريين المفقودين في لبنان والمفقودين اللبنانيين في سوريا. وتشير التقديرات إلى وجود نحو 800 معتقل سوري في لبنان لأسباب أمنية، بينهم عشرات لم يُحاكموا، بينما تختلف أرقام اللبنانيين المفقودين في السجون السورية بين 622 وفق جمعية المعتقلين اللبنانيين وأكثر من 6500 بحسب وزارة العدل اللبنانية لعام 2024. وتعكس هذه الفجوة صعوبة توثيق البيانات بعد مرور عقود، ما يبرز أهمية تنسيق جهود الهيئتين لإطلاق منصة موحدة لتسجيل ومتابعة الحالات.

التكنولوجيا ودعم القدرات المحلية:

تسعى الهيئة إلى تعزيز عملها التقني عبر توقيع اتفاقيات مع مخابر جامعة دمشق وهيئة الطاقة الذرية ووزارة الصحة، إلى جانب منح تدريبية للسوريين على تقنيات الحمض النووي خارج البلاد.
وأكد جلخي أن الهيئة تولي أهمية أكبر لتطوير قدرات الكوادر المحلية لضمان استدامة العمل وإدارة قاعدة بيانات وطنية موحدة، وهو عنصر جوهري لمعالجة الملفات بدقة وموضوعية، رغم توفر عروض للتجهيزات التقنية المتقدمة.

حجم المفقودين والمقابر الجماعية:

تشير التقديرات إلى أن عدد المفقودين السوريين منذ عام 2011 يتراوح بين 120 و300 ألف شخص، مع احتمال تجاوز هذه الأرقام بسبب عدم إبلاغ بعض العائلات عن فقدان ذويها لأسباب أمنية وسياسية واجتماعية. ويضم الملف أكثر من 63 مقبرة جماعية موزعة على مختلف المناطق، حيث تعمل الهيئة على تحديث خريطة لهذه المواقع بالتعاون مع وزارة الداخلية، وإصدار بروتوكولات لحمايتها وجمع الأدلة المهمة. كما تشير الهيئة إلى أن الأرقام الرسمية لا تزال غير موجودة، وأن بناء منصة إلكترونية وقاعدة بيانات موحدة سيستغرق وقتاً وجهداً كبيرين.

التنسيق مع العدالة الانتقالية:

تتعاون الهيئة الوطنية للمفقودين مع هيئة العدالة الانتقالية، حيث تتولى الأولى مهام التوثيق ودعم العائلات، فيما تتولى الهيئة الأخرى الملفات المرتبطة بالعدالة والمحاسبة وجبر الضرر. يعكس هذا التنسيق وعي الجهات الرسمية بأهمية فصل البعد الإنساني عن السياسي، مع ضمان تحقيق أهداف مشتركة تحمي حقوق العائلات وتعزز العدالة.
في ذات السياق تواجه الهيئة السورية تحدياً مزدوجاً: معالجة ملفات المفقودين خلال الثورة وما قبلها في ظل ندرة الأدلة وضبابية الأرقام، وفي الوقت نفسه بناء قدرات تقنية محلية تتيح توثيق الحالات بدقة وموضوعية، ويشكل التعاون مع لبنان ركيزة أساسية لتوحيد جهود المتابعة، في حين يشير التركيز على المنصات الإلكترونية والتقنيات الحديثة إلى إدراك الهيئة لأهمية الابتكار في معالجة هذا الملف الإنساني الحساس، يبقى التحدي الأكبر الموازنة بين المطالب الإنسانية والقدرة العملية على تنفيذها في سياق سياسي وأمني معقد. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 4