إسرائيل والدروز.. حماية إنسانية أم ورقة سياسية؟

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.09.02 - 06:05
Facebook Share
طباعة

الهجوم الدموي على السويداء أسفر عن مقتل ما يزيد على 200 شخص وإصابة المئات، إلى جانب خطف العشرات من بينهم نساء وأطفال.
حجم الخسائر ترك الطائفة في حالة صدمة كبرى، وأعاد طرح سؤال الحماية في ظل فراغ أمني متزايد في هذا المناخ، قدّم شيخ عقل الدروز في فلسطين المحتلة، موفق طريف، سبعة مطالب إلى بنيامين نتنياهو، أبرزها وقف إطلاق النار وفتح ممر للمساعدات.
الخطوة اعتُبرت بمثابة رسالة سياسية ذات أبعاد إقليمية، أكثر من كونها مجرد نداء إنساني.

الثوابت الجنبلاطية:

على الضفة الأخرى، شدد وليد جنبلاط على أن طريق الحماية يبدأ بفتح طريق السويداء عبر الدولة السورية، لا عبر قنوات خارجية.
هذا الموقف يندرج ضمن نهج تاريخي دأب على رفض أي مشروع تقسيمي أو تحالف يقوم على أساس طائفي.
جنبلاط يستحضر إرثاً طويلاً من السياسة الجنبلاطية القائمة على حماية الدروز عبر الانخراط في الهوية الوطنية الجامعة.

الإرث التاريخي:

منذ ثورة سلطان باشا الأطرش عام 1925، ارتبط اسم الدروز في الوجدان العربي بالانخراط في مشروع الدولة الوطنية ومقاومة الكيانات المصطنعة. كمال جنبلاط بدوره كرّس هذه الفكرة في لبنان، حين أكد أن قوة الطائفة تكمن في التماهي مع المحيط لا الانعزال عنه. اليوم، يواصل وليد جنبلاط هذا النهج عبر التأكيد أن حماية الدروز لا تأتي من أي مظلة خارجية، وانما من داخل النسيج الوطني.

الاستراتيجية الإسرائيلية:

عدد الدروز في إسرائيل يقارب 150 ألفاً، يخدم معظم شبابهم في الجيش الإسرائيلي منذ قيام الدولة.
لكن في المقابل، صدر عام 2018 قانون القومية الذي نص على أن "إسرائيل وطن قومي لليهود فقط". هذا القانون أثار غضباً واسعاً داخل الطائفة التي اعتبرت أن دماءها في مؤسسات الجيش والأمن لم تشفع لها، وفق تقديرات سياسية، فإن التناقض بين المشاركة العسكرية والتمييز القانوني يبين إسرائيل لا تنظر إلى الدروز كشركاء حقيقيين، بل كورقة يمكن استثمارها في صراعات المنطقة.

البعد السوري الشامل:

يبلغ عدد الدروز في سوريا نحو 700 ألف، يتركزون في محافظة السويداء وضواحي دمشق مثل جرمانا وصحنايا، إضافة إلى وجود محدود في جبل السماق شمال البلاد. الهجوم الأخير سلط الضوء على هشاشة أوضاعهم الأمنية، خاصة مع ضعف سلطة الدولة في بعض المناطق وانتشار فصائل مسلحة متعددة الولاءات.
تشير قراءات تحليلية إلى أن هذا الفراغ قد يتيح المجال أمام محاولات خارجية للتدخل، على رأسها إسرائيل التي ترى في الدروز مدخلاً لإعادة رسم خرائط النفوذ.

محطات مفصلية:

منذ اغتيال كمال جنبلاط عام 1977، واجه وليد جنبلاط تحديات مصيرية مرتبطة بمصير الطائفة.
ففي عام 1982م وقف ضد الاحتلال الإسرائيلي وأسهم في إسقاط اتفاق 17 أيار.
عام 2000 دعم المقاومة التي أنهت الاحتلال في الجنوب. وفي 2005 شارك في انتفاضة الاستقلال التي أخرجت الجيش السوري من لبنان.
هذه المحطات، بحسب باحثين في الشأن اللبناني، عززت فكرة أن حماية الدروز لا تتحقق إلا عبر شراكة وطنية واسعة، لا عبر ارتهان لأي قوة إقليمية.

رفض حلف الأقليات:

النهج الجنبلاطي يقوم على رفض فكرة "حلف الأقليات" التي تطرحها بعض القوى. التجارب التاريخية أثبتت، وفق تقديرات ميدانية، أن الأقليات التي تراهن على القوى الكبرى تتحول إلى ضحايا عند تبدل المصالح، الأرمن في بدايات القرن العشرين، الأيزيديون في العراق، وحتى جيش لبنان الجنوبي الذي تعاون مع إسرائيل حتى عام 2000، جميعها نماذج على أن التحالفات الطائفية مع الخارج تنتهي بخسائر جسيمة.

عزلة خطيرة:

إجمالي عدد الدروز في المنطقة يقارب مليوناً ومئتي ألف نسمة موزعين بين سوريا ولبنان وفلسطين والأردن. هذه الجغرافيا الواسعة تجعلهم في تماس مباشر مع أزمات المنطقة، لكنها في الوقت نفسه تفتح أمامهم فرصة لبناء دور وطني جامع.
بحسب ما يرى مراقبون، فإن أي رهان على الحماية الإسرائيلية أو الدولية لن يؤدي إلا إلى تكريس عزلة خطيرة للطائفة. الطريق الأكثر أماناً، يبقى في تعزيز الدولة الوطنية وضمان العدالة والمساواة ضمنها. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 3