أنامل نسائية تنقذ السوريين من الموت

2025.09.02 - 11:43
Facebook Share
طباعة

 تستمر مخلفات الحرب في سوريا بتهديد حياة المدنيين بشكل يومي، إذ خلفت سنوات النزاع آلاف الألغام والذخائر غير المنفجرة التي تستهدف المدنيين بشكل مباشر، وخاصة الأطفال. ومع انتهاء المعارك في معظم المناطق، بقيت هذه المخلفات قاتلة، تعرقل إعادة الإعمار وتشكل خطرًا على الحياة اليومية للسكان.


في هذا السياق، برز دور النساء في فرق إزالة الألغام والمخلفات الحربية، حيث ساهمن في حماية المدنيين وتقديم التوعية حول مخاطر الذخائر المتفجرة. وجود النساء في هذا المجال أصبح ضروريًا ثقافيًا وإنسانيًا، لأنه يسمح بالتفاعل المباشر مع نساء المجتمع المحلي ونقل المعلومات المنقذة للحياة بشكل أكثر فعالية، كما يعزز المشاركة المجتمعية في مواجهة هذه المخاطر.


تشمل المخلفات الحربية في سوريا الألغام الأرضية المضادة للأفراد والآليات، القذائف، القنابل العنقودية، الصواريخ، والعبوات الناسفة. هذه المواد تنتشر في معظم المحافظات التي شهدت معارك عنيفة مثل حلب، إدلب، دير الزور، حماة، حمص، درعا، وريف دمشق. وقد أدت هذه المخلفات إلى سقوط المئات من القتلى وإصابة آلاف المدنيين بجروح متفاوتة، منها إصابات الأطفال والنساء التي غالبًا ما تكون شديدة وطويلة الأمد.


تتضمن عمليات إزالة الألغام عدة مراحل منظمة تبدأ بالتوعية للمجتمعات المحلية حول المخاطر المحتملة، مرورًا بـ المسح غير التقني لتحديد مناطق انتشار المخلفات، وانتهاءً بـ إزالة الذخائر المتفجرة والتخلص منها وفق معايير السلامة الدولية. تُستخدم في هذه العمليات آليات وآليات ثقيلة لتأمين المناطق وضمان عدم تعرض المدنيين لأي مخاطر أثناء العمل.


يعمل في هذا المجال نساء ورجال، وقد أصبح للنساء دور قيادي واضح في فرق التوعية والمسح وإدارة العمليات الميدانية، ما يعكس قدرة النساء على قيادة فرق العمل والمساهمة في حماية المجتمع بشكل فعّال. كما ساهم حضور النساء في إيصال الرسائل التوعوية إلى المجتمع المحلي، وتثقيف السكان حول كيفية التعامل مع المخلفات والابتعاد عن أماكن الخطر، وهو أمر بالغ الأهمية لتقليل الإصابات.


على الرغم من الجهود المبذولة، لا تزال الإمكانيات المتاحة غير كافية مقارنة بحجم المخاطر، إذ يبلغ عدد المخلفات الحربية ملايين الأجسام في الأراضي السورية، وتصل البلاغات حول مناطق ملوثة بالألغام يومياً إلى مستويات عالية، ما يزيد العبء على فرق العمل ويستدعي تكثيف الجهود الوطنية والدولية لضمان إزالة المخاطر بشكل أسرع وأكثر أمانًا.


تشير الإحصاءات إلى أن 589 مدنياً قتلو منذ سقوط النظام في ديسمبر 2024 حتى عام 2025 بسبب مخلفات الحرب، بينهم 160 طفلاً و40 امرأة، كما أصيب 632 آخرون بجروح متفاوتة، بينهم 270 طفلاً و17 امرأة. وتوزعت هذه الحصيلة بين مناطق سيطرة الحكومة السورية، الإدارة الذاتية، والفصائل، ما يعكس الانتشار الواسع للخطر على كامل الجغرافيا السورية.


تؤثر المخلفات الحربية بشكل كبير على حياة المدنيين ونشاطاتهم اليومية، إذ تعيق إعادة بناء المنازل والمدارس والمستشفيات، وتحد من إمكانية الزراعة والعيش الآمن في المناطق الملوثة. كما تسبب حالة خوف مستمرة لدى السكان، الذين يضطرون أحيانًا للانتقال إلى مناطق أكثر أمانًا.


تهدف الجهود الوطنية والدولية إلى توعية السكان، إزالة المخلفات الحربية، وتأمين المناطق المتضررة، مع التركيز على حماية المدنيين وتسهيل إعادة الحياة إلى طبيعتها. تعتبر مشاركة النساء جزءًا مهمًا من هذه الاستراتيجية، لأنها تعزز التواصل المجتمعي وتضمن فعالية الرسائل التوعوية.


إن إزالة الألغام والمخلفات الحربية لا تُعد مجرد عملية تقنية، بل خطوة أساسية لإعادة الاستقرار والأمان للمجتمعات المحلية، وتمكين الأطفال والعائلات من العودة إلى حياة طبيعية وآمنة. ويؤكد الواقع أن كل لغم تتم إزالته وكل ذخيرة يتم التخلص منها تعني حياة أنقذت ومستقبل آمن للمدنيين.


ختامًا، يظل العمل في إزالة مخلفات الحرب تحديًا مستمرًا في سوريا، ويتطلب تعاونًا جماعيًا وجهودًا مكثفة من الجميع، لضمان حماية المدنيين، دعم إعادة الإعمار، وإعادة الأمل إلى المناطق المتضررة. إن وجود النساء في هذا المجال يعكس قدرة المجتمع على التعافي والشجاعة في مواجهة التحديات الكبرى، ويبرهن أن جهودهن تُسهم بشكل مباشر في حماية الأرواح وبناء مستقبل أكثر أمانًا.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 10