عودة النفط السوري إلى الأسواق العالمية

وكالة أنباء آسيا

2025.09.02 - 11:35
Facebook Share
طباعة

 أعلنت سوريا عن تصدير أول شحنة نفط خام منذ 14 عاماً، في خطوة تمثل بداية عملية إعادة دمج قطاع الطاقة السوري في الاقتصاد الإقليمي والدولي بعد سنوات من العزلة والعقوبات الاقتصادية. ووفق مسؤول في قطاع الطاقة، بلغت كمية الشحنة 600 ألف برميل من النفط الخام الثقيل، تم تصديرها من ميناء طرطوس ضمن صفقة مع شركة تجارية، ما يعكس تعافي القطاع تدريجياً بعد رفع العقوبات الأمريكية مؤخراً.


يأتي هذا التطور في ظل آمال الحكومة الجديدة في أن تساهم عائدات النفط في تمويل مشاريع إعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في البلاد، بعد سنوات من التدهور الاقتصادي والبنية التحتية المدمرة نتيجة الحرب المستمرة 14 عاماً. ومع ذلك، يظل مستقبل القطاع مرتبطاً بقدرة الحكومة على التوصل إلى تسوية مع القوى الكردية التي تسيطر على مناطق الإنتاج الرئيسية، إضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية في بيئة ما تزال تعاني من مخاوف أمنية وقانونية مرتبطة بالماضي السياسي للبلاد.


قبل الأزمة، كانت سوريا تصدر نحو 380 ألف برميل يومياً في 2010، أي قبل اندلاع الاحتجاجات التي تحولت إلى حرب دمرت الاقتصاد والبنية التحتية للنفط. ومنذ ذلك الحين، تناوبت السيطرة على الحقول النفطية بين أطراف متعددة، بينما فرضت العقوبات الغربية قيوداً مشددة على التصدير والاستيراد، ما صعّب على الحكومة الجديدة إدارة قطاع الطاقة بشكل فعّال.


مع تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة فصائل إسلامية بعد الإطاحة بالرئيس السابق في ديسمبر 2024، بدأت خطوات إعادة تأهيل الاقتصاد وقطاع الطاقة تدريجياً. وقال رياض جوباسي، معاون مدير الإدارة العامة للنفط والغاز، إن شركة بي سيرف إنرجي المرتبطة بمجموعة BB Energy العالمية هي التي اشترت الشحنة الأولى، وتم نقل النفط عبر الناقلة "نيسوس كريستيانا". ولم تحدد الحكومة الحقول التي جرى استخراج النفط منها، لكنها تقع غالباً في شمال شرق سوريا تحت سيطرة القوات الكردية.


من جانب آخر، وقعت الحكومة السورية مذكرة تفاهم بقيمة 800 مليون دولار مع شركة موانئ دبي العالمية (DP World) لتطوير وإدارة محطة متعددة الأغراض في ميناء طرطوس، بعد أن ألغت عقداً سابقاً مع شركة روسية كانت تدير الميناء خلال عهد الأسد. وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة أوسع لدعم إعادة الإعمار وتسهيل حركة التصدير عبر الموانئ البحرية.


ورغم أن استئناف التصدير يمثل بارقة أمل، لا تزال هناك تحديات كبيرة، أبرزها استمرار التوترات بين الحكومة والسلطات الكردية التي تسيطر على غالبية الحقول النفطية، ما يثير مخاوف من اضطرابات في الإمدادات وصعوبة جذب استثمارات طويلة الأمد. كما يشكل التاريخ الطويل من النزاعات والعقوبات السابقة عائقاً أمام استقرار العمليات النفطية على المدى الطويل.


في المقابل، تعكس هذه الخطوة عودة تدريجية لسوريا إلى الأسواق الدولية، وتفتح الباب أمام مشاريع إعادة إعمار واسعة تشمل تحسين البنية التحتية، دعم الاقتصاد المحلي، وتوفير فرص عمل جديدة. ويأمل المسؤولون في أن تسهم هذه الشحنات في تعزيز الإيرادات وتمويل مشروعات تنموية في مختلف القطاعات الاقتصادية، لتكون بداية مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي بعد سنوات طويلة من الأزمة.


إن عودة تصدير النفط بعد غياب طويل تعتبر مؤشرًا إيجابياً على أن الحكومة السورية تسعى إلى إعادة قطاع الطاقة إلى سابق عهده، مع وضع استراتيجيات للتعامل مع التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، وتحقيق استقرار نسبي في الأسواق المحلية والإقليمية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 3