أثارت خطة رئيس لجنة الخارجية والأمن بالكنيست الإسرائيلي، بوعز بيسموت، لتجنيد الحريديم غضبًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والعسكرية، معتبرين أن الحكومة مجدّدًا تستسلم للابتزاز السياسي، وتضع مصالح الائتلاف على حساب أمن الدولة والمجتمع. الخطة، التي تقترح "لائحة طوارئ" مؤقتة، تُبرز بوضوح أزمة القيادة الإسرائيلية وعجزها عن فرض قانون التجنيد المتساوي، وسط تنامي الاحتجاجات من الأحزاب والحركات المدنية والعسكرية.
انقلاب سياسي على القانون والتطبيق العسكري:
تعكس خطة بيسموت التهرب المستمر من تطبيق القانون، إذ تقترح تجميد العقوبات على الحريديم الذين يرفضون الخدمة، ووقف الاعتقالات وسحب الميزانيات من المدارس الدينية، مقابل وعود جوفاء، ما يثير الاتهام بأن الحكومة تعمل على حماية مصالح أحزاب محددة على حساب الأمن القومي.
انتقادات حادة من قوى سياسية وعسكرية:
ردود الفعل كانت قاسية: بيني غانتس وصف الخطة بأنها "سيارة بلا محرك"، مؤكدًا أن التجنيد يجب أن يشمل جميع الشباب بلا استثناء. اللواء الاحتياط يائير غولان اعتبر الخطة "تهربًا مخزيًا" يسيء إلى مئات آلاف الجنود واحتياطيي الجيش. حركة "إخوة السلاح" قالت إن بيسموت أصبح دمية في يد قادة الأحزاب الدينية، وتوعدت بالاستمرار في النضال لضمان المساواة في الخدمة العسكرية.
لائحة الطوارئ: حل مؤقت بلا ضمانات:
تعتمد الخطة على تفعيل لوائح الطوارئ لتجنيد بعض الجنود فورًا، مع تجميد العقوبات على المخالفين، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول فعاليتها وأخلاقيتها. كما أن الخطة لا تقدم تفاصيل واضحة حول كيفية استقدام العدد الكبير المطلوب من الجنود، وتبقي كل شيء رهناً بموافقة ممثلي الحريديم، ما يجعلها أداة سياسية أكثر من كونها خطة عسكرية حقيقية.
هشاشة الائتلاف والأمن الإسرائيلي:
تُظهر الأزمة مجددًا هشاشة النظام السياسي الإسرائيلي، الذي يضع مصالحه الحزبية فوق مصالح الدولة، ويستغل الأزمات لكسب الوقت، بدلًا من مواجهة تحديات الأمن القومي بشكل مباشر. أي تراخٍ في تطبيق التجنيد المتساوي يزيد من فجوة الثقة بين القيادة العسكرية والسياسية، ويهدد استعداد الجيش في أوقات الحرب أو المواجهات المستقبلية.
فشل إدارة الأزمة وكلفة طويلة الأمد:
الاعتماد على حلول مؤقتة، مثل "لائحة الطوارئ"، لا يحل جذريًا أزمة التجنيد، بل يكرس سياسة التمييز بين دم ودم، ويجعل الأمن القومي عرضة للمساومات السياسية. الأزمة الحالية تشير إلى أن إسرائيل تواجه تحديًا مزدوجًا: ضرورة تأمين الجيش، والحاجة للتعامل مع مطالب الأحزاب الدينية، وهو ما يضع البلاد في حلقة مفرغة من التوتر السياسي والعسكري.
خطة بيسموت تكشف مرة أخرى حجم الفشل السياسي في إسرائيل، حيث تستمر الحكومة في المماطلة وتجميد تطبيق القانون تحت ذرائع مؤقتة، بينما يواجه الجيش مشاكل هيكلية في الاستعداد والتجنيد. الأزمة الحالية ليست مجرد نزاع سياسي داخلي، بل انعكاس حقيقي لخطر ضعف الدولة في مواجهة التحديات الأمنية، ولعجز القيادة عن فرض قواعد اللعبة على الجميع، مما يضع إسرائيل على مفترق طرق خطير بين الاستقرار الأمني والمخاطر السياسية المستمرة.