تتضح هشاشة المخطط الإسرائيلي لاحتلال غزة في ضوء تقديرات الجيش التي تكشف عن تكلفة بشرية ضخمة، وفشل محتمل في القضاء على حركة حماس، مع تهديد حياة الأسرى الإسرائيليين. القرار الذي يسعى الكابينت الإسرائيلي إلى تنفيذه ليس مجرد عملية عسكرية، بل مغامرة محفوفة بالمخاطر، قد تكلف إسرائيل الكثير على الصعيدين العسكري والسياسي.
انقسام حاد في القيادة الإسرائيلية:
أظهر اجتماع مجلس الوزراء الأخير توترًا حادًا بين القيادة العسكرية والسياسية. الجيش يضغط نحو الاحتلال العسكري، بينما يعارض رئيس الموساد، ديدي برنياع، ويرى أن صفقة تبادل الأسرى هي الخيار الوحيد الواقعي. هذا الانقسام يكشف عمق الأزمة الإدارية والسياسية في إسرائيل، ويعكس فشل القيادة في وضع استراتيجية واضحة لمواجهة حركة مقاومة منظمة ومتماسكة.
تقديرات الجيش تكشف عن فشل محتمل:
تشير التقديرات إلى أن احتلال مدينة غزة قد يستغرق نحو عام كامل، مع خسائر بشرية قد تصل إلى نحو 100 جندي، دون ضمان القضاء على حماس إلا بالسيطرة الكاملة على القطاع. الاحتلال الجزئي سيترك حماس قائمة وقادرة على المقاومة، ما يعني أن الحسابات الإسرائيلية العسكرية مبنية على توقعات غير واقعية وربما وهمية.
استعراض الخطط العسكرية:
يستعد الجيش لحشد 60 ألف جندي احتياط، لتنفيذ عمليات معقدة في ظل بيئة حضرية مكتظة بالسكان. الفرقتان 99 و162 بدأتا عمليات التطويق، مع التركيز على أحياء الزيتون والصبرة، بينما يخطط الجيش لفتح ممر لإجلاء السكان قبل تجريف الأراضي. هذا التخطيط يعكس محاولة إسرائيل مزج العمليات العسكرية بالضغوط الإنسانية لتخفيف الانتقادات الدولية، لكنه لا يقلل من حجم المخاطر أو الخسائر المحتملة.
تهديد حياة الأسرى:
أي اقتحام شامل للمدينة سيضع حياة الأسرى الإسرائيليين على المحك، وهو عامل يزيد من حدة المخاطر السياسية ويطرح سؤالًا أخلاقيًا حول حدود الجرأة الإسرائيلية في تنفيذ أي عملية عسكرية واسعة.
فشل الحسابات الإسرائيلية:
السيناريوهات المطروحة تظهر أن إسرائيل قد تكون أمام مأزق مزدوج: تكلفة بشرية مرتفعة، وفشل في تحقيق أهداف عسكرية واضحة، إلى جانب ضغوط سياسية داخلية وخارجية. كل مؤشر يشير إلى أن الاحتلال ليس الحل، وأن السياسات القائمة تعكس قصورًا خطيرًا في فهم طبيعة الصراع مع حركة مقاومة متجذرة.
غزة أثبتت مرة أخرى أنها عصية على الاحتلال، وأن أي عملية عسكرية إسرائيلية ستواجه عراقيل كبرى على الأرض. التاريخ العسكري الإسرائيلي في القطاع يعكس فشل العمليات السابقة في تحقيق أهداف استراتيجية، ويؤكد أن الضغوط الدولية، والخسائر المحتملة، وأزمة القيادة الإسرائيلية الداخلية تجعل من أي خطوة احتلالية مغامرة خطيرة وغير محسوبة النتائج.