بعد عشرين عامًا على إخلائها بموجب خطة الانفصال الإسرائيلي عام 2005، أعادت السلطات الإسرائيلية افتتاح روضة أطفال في البؤرة الاستيطانية غير القانونية "هومش" بالضفة الغربية، في خطوة أثارت جدلاً واسعًا على المستوى المحلي والدولي. تأتي هذه الخطوة في سياق تصعيد مستمر لسياسة التوسع الاستيطاني الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة، وسط تحذيرات فلسطينية ودولية من تداعياتها على فرص السلام واستقرار المنطقة.
خطوة سياسية تعليمية أم استيطانية؟
افتتاح الروضة، الذي جاء بالتزامن مع بدء العام الدراسي الجديد، شارك فيه كبار المسؤولين الإسرائيليين، بينهم وزير التعليم يوآف كيش ووزير المالية تسلئيل سموتريتش. وصف كيش المبادرة بأنها "زرع جذور جديدة للتعليم والمستقبل"، فيما اعتبرها سموتريتش "رمزًا للبعث والحياة المتجددة في قلب السامرة"، في إشارة إلى البعد الديني والتاريخي للمنطقة.
الخطوة تعكس سياسة حكومية متصاعدة لتقنين أو إعادة بناء مستوطنات تم إخلاؤها سابقًا، حيث وافق المجلس الأمني الإسرائيلي في مايو الماضي على بناء أو تقنين 22 مستوطنة في الضفة الغربية، بما في ذلك هومش وسا نور، من بين أربع مستوطنات تم إخلاؤها في 2005. ومع ذلك، لم يتم تقنين الهياكل القائمة مثل المدارس الدينية (الـ"يشيفا")، ما يتركها في حالة قانونية غامضة دوليًا.
انتقدت منظمات فلسطينية ومعنية بحقوق الأرض إعادة افتتاح هومش، معتبرة أنها "تصعيد غير مقبول يعرقل التماسك الإقليمي ويزيد من الاحتكاكات مع السكان الفلسطينيين المحليين". كما أشارت إلى أن الخطوة تعكس سياسة التوسع الاستيطاني المستمرة، والتي تهدد فرص أي عملية سياسية مستقبلية لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
من الناحية الدولية، تعد هذه الخطوة جزءًا من سلسلة إجراءات إسرائيلية تزيد من الضغوط على المجتمع الدولي، حيث سبق أن أعربت جهات عديدة عن رفضها لمثل هذه العمليات الاستيطانية، مؤكدة أنها تتعارض مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة الخاصة بالاحتلال والاستيطان.
بؤرة "هومش" أُنشئت قبل أكثر من عقدين على الأرض الفلسطينية، وتم إخلاؤها ضمن خطة الانفصال عام 2005، والتي هدفت إلى تقليل التوترات على الأرض وتحديد خطوط إسرائيلية أحادية الجانب. مع مرور الوقت، ظل المستوطنون يطالبون بإعادة إحيائها، حتى أصبح افتتاح الروضة مؤشرًا على تصاعد سياسة التوسع، لا سيما في وقت يشهد فيه الملف الفلسطيني الإسرائيلي تجميدًا سياسيًا كاملًا.
افتتاح الروضة ليس مجرد حدث تعليمي، بل رسالة سياسية واضحة، تؤكد استمرار إسرائيل في تعزيز وجودها على الأراضي المحتلة. كما يمثل تحديًا للجهود الدولية الرامية إلى التوصل لحل سياسي شامل، ويزيد من احتمالات الاحتكاك المباشر بين المستوطنين والسكان الفلسطينيين المحليين، مما يضع المنطقة أمام مرحلة جديدة من التوترات.