في مواجهة تتسم بالتوتر بين القيادة السياسية والعسكرية، وجّه رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، اللواء إيال زامير، انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعدد من الوزراء، متسائلاً عن سبب تركيزهم الآن على مواجهة حركة حماس بعد مرور عامين على الهجوم الذي شنته في 7 أكتوبر 2023. تصريحات زامير، التي تضمنت سؤالاً صريحاً: "أين كنتم في السابع والثامن والتاسع من أكتوبر؟ الآن تتذكرون بعد عامين؟"، تكشف فجوة عميقة بين تقييم الجيش للتهديدات الأمنية ووتيرة الاستجابة السياسية لها، وهو مؤشر على هشاشة التنسيق بين المؤسسات العسكرية والمدنية في إسرائيل.
تأتي هذه الانتقادات في وقت حساس على صعيد الخطط العسكرية، إذ كان الجيش الإسرائيلي يستعد لاستدعاء 60 ألف جندي من الاحتياط، في إطار عملية واسعة النطاق في قطاع غزة. التحذيرات التي أطلقها زامير حول مخاطر فرض احتلال طويل الأمد للمدينة تشير إلى تقديرات الجيش بأن الخطط السياسية قد لا تتماشى مع الواقع العملياتي على الأرض، مما يضع المؤسسة العسكرية أمام تحديات استراتيجية معقدة، سواء على صعيد التأمين الداخلي أو على صعيد الضغط الدولي المرتبط بالقصف والاحتلال.
على صعيد آخر، كانت الحكومة الإسرائيلية تحاول التفاوض على صفقة لإطلاق سراح جزء من الرهائن المحتجزين لدى حماس، ما يضيف بعداً إنسانياً وسياسياً إضافياً للقرار العسكري. هذا الملف، إلى جانب الضغط العسكري والسياسي الداخلي، يكشف عن استراتيجيات إسرائيلية متشابكة، بين الرغبة في توجيه ضربة حاسمة لحماس وبين تجنّب الانغماس في احتلال طويل الأمد قد يُجهد الجيش ويثير انتقادات دولية متزايدة.
التوتر بين القيادة العسكرية والسياسية يعكس أزمة ثقة متبادلة، ويطرح تساؤلات عن قدرة الحكومة على إدارة الحرب بشكل فعّال دون الانجراف إلى صراعات داخلية تؤثر على صناعة القرار. انتقادات زامير تعكس شعوراً بالاستعجال والحاجة إلى تقييم حقيقي للاستراتيجية الإسرائيلية في غزة، وهو ما قد ينعكس لاحقاً على خطط العمليات المستقبلية، وعلى قدرة إسرائيل على الحفاظ على أمنها الداخلي في مواجهة تهديدات مستمرة ومتطورة من حماس والجماعات المسلحة الأخرى في المنطقة.