أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارًا بالإجماع يحث الحكومة على التراجع فورًا عن قرارها بفصل المدعية العامة غالي بهاراف-ميارا، في موقف يعكس عمق الصراع بين السلطات التنفيذية والقضاء، ويكشف محاولات الحكومة للالتفاف على المسارات القانونية التقليدية. وأكدت المحكمة أن القرار الذي اتخذته الحكومة في يونيو لتجاوز اللجنة العامة المهنية، التي نص القانون على دورها منذ عام 2000 في تقييم أي فصل للمدعي العام، لا يعد قانونيًا ويشكل خرقًا واضحًا للقواعد المهنية المعمول بها منذ عقود.
وتأتي هذه التوصية في ظل محاولات الحكومة الحالية تعزيز نفوذها على الجهاز القضائي، وتحديد مصير المراكز القانونية الحساسة وفق مصالحها السياسية، متجاهلةً دور المؤسسات الرقابية المستقلة. وأمهلت المحكمة الحكومة حتى 14 سبتمبر لتوضيح موقفها من التوصية، مع إمكانية تقديم إفادات لاحقة حتى 30 أكتوبر، قبل أن تصدر الحكم النهائي، ما يضع الحكومة أمام اختبار مباشر لمدى احترامها للقانون واستقلال القضاء.
من جانبه، أعرب وزير العدل ياريف ليفين عن عزمه تجاهل توصية المحكمة، مؤكّدًا أن الحكومة وحدها من يقرر من يشغل منصب المدعي العام، وهو تصريح يفتح الباب أمام صدام محتمل بين السلطة التنفيذية والقضاء، ويهدد استقرار النظام القانوني في إسرائيل. هذه المواجهة لا تأتي في فراغ، إذ سبق وأن شهدت إسرائيل سلسلة من النزاعات بين الحكومة والقضاء حول محاولات تعديل أو السيطرة على المؤسسات القانونية، بما في ذلك تعيين قضاة وتغيير الصلاحيات القانونية للمدعين العامين.
محاولات فصل بهاراف-ميارا كانت قد توقفت مؤقتًا بسبب الطعون القانونية، إلا أن استمرار الحكومة في تجاوز المسارات القانونية التقليدية يعكس استراتيجية واضحة للسيطرة على الجهاز القضائي، ويثير تساؤلات حول استقلالية القضاء ومستقبل الفصل بين السلطات في إسرائيل، خاصة في ظل غياب دستور مكتوب ينظم العلاقة بين السلطات ويضمن الرقابة على السلطة التنفيذية.