لبنان الكبير: بين التاريخ والأطماع الإسرائيلية

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.09.01 - 10:31
Facebook Share
طباعة

في الأول من سبتمبر من كل عام، يستعيد اللبنانيون ذكرى إعلان "لبنان الكبير" عام 1920، اللحظة المفصلية التي شهدت ولادة الدولة بحدودها الحالية تحت الانتداب الفرنسي، هذه الذكرى تحمل رمزية تاريخية عميقة، وتبرز مسار الدولة منذ إنشائها حتى اليوم، في ظل تحولات جيوسياسية وأزمات داخلية مستمرة.

خلفية تاريخية:

105 أعوام مضت منذ أن أعلن الجنرال الفرنسي هنري غورو من قصر الصنوبر في بيروت قيام لبنان كيانًا مستقلًا عن بلاد الشام بحدود موسعة، واختيرت بيروت عاصمة له.
جاء الإعلان وفق اتفاق سايكس-بيكو الذي قسم دول الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى بين الانتداب الفرنسي والبريطاني.
تاريخياً، كان لبنان الكبير ثمرة حلم مجموعة من اللبنانيين، وعلى رأسهم البطريرك الماروني إلياس الحويك، لاستعادة عدد من المناطق وضمها إلى متصرفية جبل لبنان، التي كانت منفصلة منذ إعلان قيام المتصرفية عام 1861.
وقد شكل هذا الإعلان لحظة فاصلة في تاريخ المنطقة، ووضع لبنان على خارطة الدول الحديثة في شرق المتوسط.

لبنان الكبير اليوم:

مع مرور أكثر من قرن على الإعلان، تبدو الذكرى فرصة للتأمل في مسار 105 أعوام من الطموحات والخيبات، في ظل تغيّر الأزمنة وتعاقب الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لبنان اليوم يواجه تحديات متعددة، من ضمنها وجود قوات إسرائيلية في بعض القرى الجنوبية.

ويرى خبراء إعلان دولة لبنان الكبير جاء كنتيجة لحلم مجموعة من اللبنانيين أرادوا لهذا الكيان أن يقوم، وحقق هذا الحلم في 1920، لكنه اليوم يواجه تحديات كبيرة على أرض الواقع.

تأثير الأطماع الإسرائيلية:

تظل الأطماع الإسرائيلية في الجنوب اللبناني أحد أهم التحديات التي تهدد وحدة لبنان الكبير.
إسرائيل تسعى منذ عقود للسيطرة على مناطق استراتيجية لتأمين حدودها ومناطق نفوذها، ويظهر ذلك في المحاولات المستمرة للسيطرة على الأراضي من خلال التوغل العسكري أو التهديد بإنشاء مناطق عازلة.

يرى مراقبون أن إسرائيل لم تتوقف عن السعي لتوسيع نفوذها، سواء عبر الاجتياح المباشر أو الضغط الإعلامي والسياسي، إلا أن محاولات ضم الأراضي جنوب لبنان تبقى في الوقت الحالي كلامًا إعلاميًا، واللبنانيون رغم اختلافاتهم الطائفية والسياسية متمسكون بأرضهم.

تظهر آثار هذه الأطماع على المستوى الأمني اليومي في الحدود، من خلال التوغل العسكري المتكرر، تفجيرات المنازل، والاعتداء على السكان، ما يخلق حالة من القلق وعدم الاستقرار، أما على المستوى الاستراتيجي، فهي تهدد سيادة الدولة اللبنانية وقدرتها على فرض القانون وحماية مواطنيها، ما يضع "لبنان الكبير" على المحك ويؤكد أهمية التمسك بوحدة البلاد.

لبنان الداخلي: تحديات الوحدة:

منذ إعلان لبنان الكبير، اجتاز الكيان اللبناني عواصف متعددة، من تدخلات خارجية وحروب إلى توترات داخلية طائفية وسياسية ومناطقية، وحتى اقتصادية، ما كان يوماً مشروع دولة متنوعة يسودها القانون والدستور، تحول اليوم إلى كيان يختلف أبناؤه على كل شيء تقريبًا، حتى على فهمهم ونظرتهم للدولة نفسها.
هذه الخلافات الداخلية تجعل الحفاظ على وحدة لبنان الكبير مهمة مستمرة، وتبرز أهمية العمل المؤسساتي لحماية الدولة وتعزيز استقرارها.


الاحتفال السنوي بذكرى إعلان لبنان الكبير يظل شعلة رمزية، تضئ مساراً من التطلعات والخيبات، وتبرز قدرة اللبنانيين على الصمود في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية. يؤكد المؤرخون والمحللون أن الحفاظ على وحدة الدولة وأرضها هو المفتاح لاستمرار لبنان الكبير، مهما تعددت الأزمات والتحديات، ومهما زادت الضغوط الخارجية على سيادة البلاد وأمنها. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4