عمليات تنظيم الدولة في سوريا خلال آب 2025

سامر الخطيب

2025.09.01 - 02:04
Facebook Share
طباعة

 تواصل خلايا تنظيم "الدولة الإسلامية" نشاطها في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مسجّلة سلسلة هجمات متفرقة خلال شهر آب 2025، أسفرت عن سقوط نحو 30 قتيلًا وجريحًا. رغم خسارته السيطرة الجغرافية قبل سنوات، يثبت التنظيم قدرته على إعادة تنظيم صفوفه واستغلال الفراغ الأمني، ما يجعله تهديدًا مستمرًا للاستقرار في شمال شرقي سوريا.


العمليات الأخيرة شملت تفجيرات، كمائن، واغتيالات مستهدفة، استهدفت عناصر قسد وأجهزتها الأمنية، إضافة إلى المدنيين أحيانًا. دير الزور كانت أكثر المناطق تضررًا، إذ نفّذت فيها خلايا التنظيم 22 عملية خلال الشهر، ما أدى إلى مقتل 11 من العسكريين وإصابة 8 آخرين، إضافة إلى مقتل عنصر من التنظيم و3 مدنيين. أما الرقة فشهدت عمليتين أسفرتا عن مقتل 2 من العسكريين و1 مطلوب، وإصابة عنصر، بينما سجّلت الحسكة 3 عمليات أسفرت عن مقتل 2 من العسكريين.


الأحداث اليومية توضح استمرار استهداف نقاط عسكرية لقسد بشكل متنوع، ففي 1 آب مثلاً، شنت خلايا التنظيم هجومًا على نقطة عسكرية في بلدة ذيبان شرقي دير الزور، ما أسفر عن مقتل وإصابة 6 عناصر. وفي اليوم نفسه، هاجم مسلحون حاجزًا للأسايش في أطراف الحوايج مستخدمين أسلحة رشاشة ودراجات نارية، فيما أصيب عنصر آخر في قرية حوائج البومصعة. وفي الكرامة، استهدفت خلايا التنظيم سيارة عسكرية ما أدى لإصابة عنصر، بينما ألقت القوات الأمنية القبض على أربعة مشتبه بهم.


تكررت الهجمات على مدار الشهر في مناطق أخرى، بما في ذلك استهداف سيارات عسكرية في أبريهة والجنينة وزرع عبوات ناسفة على طرق ريفية، واستهداف صهاريج نفط، وقتل وجهاء عشائر، وهو ما يشير إلى أن التنظيم لم يُهزم بالكامل بل يعمل على إعادة تموضعه للبقاء فاعلًا على الساحة. كما شملت الهجمات اغتيالات فردية في المدن، مثل قتل قيادي سابق لقسد في الجرذي، وحوادث مشابهة في الرقة والحسكة.


وشنّ تنظيم "الدولة الإسلامية" بآخر الشهر هجوماً كلامياً حاداً ضد الحكومة السورية الجديدة والتحالف الدولي، عقب تنفيذ عمليات مشتركة استهدفت قياداته في منطقتي الباب وأطمة شمالي سوريا. فالعدد الأخير من صحيفة التنظيم الأسبوعية تناول ما جرى في أطمة، حيث قُتل قيادي عراقي خلال عملية إنزال نفذتها قوات التحالف بدعم أمني سوري. ووصف التنظيم العملية بأنها "أشنع من مجازر الكيماوي"، واعتبرها "مجزرة الجولاني" في إشارة إلى الرئيس السوري أحمد الشرع. ورأت افتتاحية الصحيفة أن ما يجري ليس سوى امتداد لنهج "الطواغيت" في محاربة الجماعات الجهادية، معتبرة أن الغرب "نجح في صناعة دكتاتور جديد من أصول جهادية" على حد وصفها.


الإحصاءات السنوية توضح نطاق التهديد، إذ نفذت خلايا التنظيم منذ مطلع 2025 نحو 166 عملية في مناطق الإدارة الذاتية، أسفرت عن مقتل 74 شخصًا بينهم 51 من قسد و9 من التنظيم و13 مدنيًا و1 متعاون مع قسد، وإصابة 52 آخرين. وتوزعت العمليات على دير الزور (140 عملية)، الحسكة (15 عملية)، والرقة (11 عملية). هذه الأرقام تعكس قدرة التنظيم على شن هجمات متكررة، معتمدًا على العمليات الصغيرة والمتفرقة لتقويض استقرار المنطقة وإرهاب السكان.


من الجانب التحليلي، يبرز عدة عناصر تجعل التنظيم قادرًا على استمرار هجماته رغم خسارته للسيطرة المباشرة على الأراضي:
- الطبيعة الجغرافية المعقدة: خصوصًا في الأرياف والمناطق الصحراوية، ما يسهل تحرك خلاياه بعيدًا عن الرقابة الأمنية المكثفة.
- استغلال الفراغ الأمني: ضعف التنسيق بين الفصائل المحلية أو بين الميليشيات المسلحة يوفر فرصة للتنظيم للقيام بهجمات محدودة لكنها فعالة.
- تكتيكات الهجمات الصغيرة: العمليات المتفرقة كالاغتيالات والكمائن والتفجيرات تمنح التنظيم القدرة على توجيه ضربة معنوية قوية دون الحاجة للسيطرة على مناطق واسعة.
- ضغط نفسي وسياسي: الهجمات المستمرة تهدف إلى زعزعة الثقة بقدرة قسد على حماية السكان، ما يضع الإدارة الذاتية في موقف صعب أمام السكان المحليين والداعمين الخارجيين.


في المقابل، تمثل الاستجابة السريعة والتدخل الميداني لمحاولة القبض على المهاجمين أو تطويق المناطق المستهدفة عامل ردع جزئي، لكنه لا يوقف النشاط بشكل كامل. هذا التوازن الهش بين هجمات التنظيم والردود الأمنية يعكس حالة عدم الاستقرار المستمرة، ويشير إلى أن الأمن في مناطق الإدارة الذاتية يظل هشًا أمام خلايا التنظيم النشطة.


ختامًا، استمرار نشاط تنظيم "الدولة الإسلامية" رغم خسارته للسيطرة يشير إلى أن التحدي الأمني في شمال شرقي سوريا لن ينتهي قريبًا. فحتى مع تقليل قدراته التنظيمية، تبقى خلاياه قادرة على تنفيذ هجمات استراتيجية مصغرة تؤثر على الوضع الميداني والسياسي، وتجعل من مراقبة وتحليل تحركاته ضرورة مستمرة لضمان الاستقرار وحماية المدنيين.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 10