الروبوتات المفخخة أداة جديدة لفرض النزوح الجماعي

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.31 - 07:48
Facebook Share
طباعة

تشير المعطيات القادمة من غزة إلى تحول خطير في طبيعة الأدوات العسكرية التي يوظفها الجيش الإسرائيلي، إذ لم يعد الأمر مقتصراً على القصف الجوي أو المدفعي، وانما جرى مؤخراً إدخال الروبوتات المفخخة في ميدان العمليات. المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أوضح أن أكثر من ثمانين روبوتًا تم تفجيرها خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، ما خلّف دمارًا واسعًا للمنازل والمنشآت، وعرض حياة المدنيين لخطر مباشر ويضيف المكتب أن هذه الممارسات تندرج ضمن سياسة مرسومة هدفها ترويع السكان ودفعهم إلى ترك بيوتهم.

وبحسب البيان، فإن آثار هذه السياسة تتجاوز مجرد التدمير المادي، فهي تسعى إلى إحداث حالة ذعر عام تقود إلى نزوح قسري، خاصة مع استمرار ملاحقة الأطفال والنساء في الأحياء المكتظة، إلى جانب حصار خانق يحرم أكثر من 2.4 مليون فلسطيني من مقومات الحياة الأساسية، بينهم نحو مليون في مدينة غزة والشمال. ويشير المكتب الإعلامي إلى أن الحصار المزدوج، الاقتصادي والعسكري، تسبب بوفاة ما يزيد على 300 مدني، بينهم عشرات الأطفال، بسبب الجوع والحرمان من الدواء.

هذا التوصيف ينسجم مع القراءة الأوسع لمسار الحرب. فإسرائيل تعتمد على التكنولوجيا كأداة للسيطرة الديموغرافية، لا لمجرد تحقيق مكاسب عسكرية تكتيكية. فالروبوتات المفخخة تُستخدم بدلًا من الاشتباكات المباشرة لتقليل خسائر الجيش، لكنها عمليًا تتحول إلى وسائل قتل عشوائي تُطيح بكل معايير القانون الدولي الإنساني.
ومن هنا، يذهب العديد من المراقبين إلى اعتبار هذه الأسلحة غير المشروعة، لأنها لا تميز بين المدني والمقاتل.

تصريحات المكتب الإعلامي تكتسب أهمية خاصة لأنها توثّق جانبًا من المعاناة اليومية للسكان، وتكشف أن التهجير لم يعد مجرد احتمال بل سياسة يجري تنفيذها على الأرض.
وفي هذا السياق، دعا المكتب المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته، واتخاذ إجراءات عملية توقف الجرائم، بدل الاكتفاء ببيانات إدانة لا تغيّر من الواقع شيئًا.

على الصعيد السياسي، يتضح أن الهدف النهائي لهذه السياسات هو فرض واقع جديد في غزة، شبيه بما يجري في الضفة الغربية من توسع استيطاني.
التدمير الممنهج، والحصار، واستخدام الروبوتات، كلها حلقات في سلسلة واحدة تسعى إلى إضعاف قدرة الفلسطينيين على البقاء، وتفريغ الأرض من سكانها الأصليين.
غير أن ما يعطل هذه الخطط حتى الآن هو تمسك الناس بحقهم في البقاء رغم كل أشكال القمع والحرمان.

المفارقة أن استخدام الروبوتات، وإن كان يُسوّق باعتباره إنجازًا تكنولوجيًا، يكشف في جوهره عن مأزق أخلاقي وسياسي لإسرائيل.
فكلما ازداد الاعتماد على أسلحة غير تقليدية ضد المدنيين، اتسعت دائرة الانتقادات الدولية، وارتفعت الأصوات المطالبة بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم أمام المحاكم الدولية.

من هنا، يصبح المشهد أكثر وضوحًا: حرب تُخاض بلا حدود إنسانية، وسلاح يُستخدم لإرغام شعب بأكمله على مغادرة أرضه. لكن، ورغم شدة الحصار والقصف، يظل الفلسطينيون على موقفهم الرافض للتهجير، في صورة تجسد أعمق معاني الصمود. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 3