تستعد إسرائيل للقيام بخطوة تهدد حقوق الفلسطينيين بشكل مباشر، عبر خطة لضم نحو 60% من أراضي الضفة الغربية، في رد على تحركات بعض الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وتأتي هذه التحركات وسط انقسام داخل الحكومة الإسرائيلية حول حجم الضم وطبيعته، بينما يسعى الفلسطينيون والداعمون لهم لحماية الحقوق الوطنية والحفاظ على إمكانية إقامة دولة مستقلة.
كشف موقع أكسيوس الإخباري الأميركي أن الحكومة الإسرائيلية تناقش بشكل جدي ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية.
وأفاد الموقع بأن وزيري الخارجية والشؤون الإستراتيجية الإسرائيليين أبلغوا نظراءهم الأوروبيين إسرائيل ستضم المناطق "ج" التي تشكل نحو 60% من أراضي الضفة، في حال تم الاعتراف الدولي بفلسطين.
وأشار التقرير إلى أن التحرك الإسرائيلي يعتمد على موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع تأكيد السفير الأميركي في تل أبيب أن واشنطن لم تتخذ موقفاً رسمياً حتى الآن، وسط خلافات داخل حكومة بنيامين نتنياهو حول حجم عملية الضم المحتملة.
ومن المقرر أن يناقش المجلس الأمني الإسرائيلي هذه القضية، وسط ضغوط من شركاء الائتلاف لتنفيذ مخطط الضم، بما في ذلك خطة "إي1" الاستيطانية التي تهدف لعزل القدس وفصل شمال الضفة عن جنوبها، وتشمل بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في مناطق استراتيجية.
يرى محللون أن ما تقوم به إسرائيل اليوم ليس مجرد رد فعل على الاعترافات الغربية المتزايدة بالدولة الفلسطينية، بل يمثل تتويجاً لمسار طويل بدأ منذ اتفاق أوسلو، هدفه فرض واقع استيطاني وجغرافي يهيمن على الضفة الغربية ويقلص من إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة.
وأوضحوا أن الاحتلال عمل على مدار عقود لإفراغ الاتفاق من مضمونه عبر الانقلاب عليه وعدم تطبيق بنوده، في ظل غياب أي إلزام من الولايات المتحدة والدول الغربية الراعية.
ايضاً إسرائيل تسعى الآن لإضفاء الطابع الرسمي والقانوني على هذا الواقع، من خلال تشريعات وإعادة تعريف الضفة الغربية كيهودا والسامرة، وتحويل المرافق الإدارية والسياحية إلى تبعية مباشرة للاحتلال.
ويهدف هذا المسار إلى منع إقامة دولة فلسطينية، وجعل الاعتراف الدولي بها رمزياً بلا تطبيق فعلي على الأرض.
يرى مراقبون التوسع الاستيطاني يغير ملامح وهوية الضفة الغربية ديموغرافياً وجغرافياً، من خلال إعادة توزيع السكان وتنفيذ مشاريع بنية تحتية فصلت شمال الضفة عن جنوبها، خاصة في القدس، لتكريس مفهوم الهوية اليهودية للدولة وإزاحة الهوية الفلسطينية.
وتعد هذه المرحلة، وفق تقديراتهم، مرحلة "التتويج" التي تسعى فيها إسرائيل لوضع اللمسات الأخيرة عبر القوانين والتشريعات والغطاء السياسي، ما يعكس تهديداً مباشراً لحق الفلسطينيين في وطنهم، ويستوجب دعم الجهود الوطنية والدولية لحماية حقوقهم.
يأتي هذا التطور في وقت تستعد فيه دول مثل فرنسا وبريطانيا وأستراليا للاعتراف بالدولة الفلسطينية في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيما اتخذت الولايات المتحدة إجراءات عقابية ضد السلطة الفلسطينية، بما في ذلك إلغاء تأشيرات المسؤولين الفلسطينيين المشاركين في أعمال الجمعية العامة، في محاولة للضغط على هذه الدول للتراجع عن مواقفها.