إلى أي مدى تورط الإعلام العبري بالتحريض؟

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.31 - 03:54
Facebook Share
طباعة

لم يكتفِ الإعلام العبري بنقل الأخبار أو تقديم روايات الجيش، وإنما لعب دوراً أوسع ارتبط بالتحريض المباشر وتبرير الانتهاكات.
تقرير أصدرته نقابة الصحافيين الفلسطينيين أوضح أن المشهد الإعلامي في إسرائيل تحوّل إلى أداة تعبئة تخدم استمرار العدوان وتمنح غطاءً سياسياً وأخلاقياً لأفعال اعتُبرت جرائم حرب.

اللجنة المختصة بالحريات في النقابة وثّقت شهادات وأدلة تكشف كيف جرى وصم الصحافيين الفلسطينيين بتهم باطلة، بينها اتهامهم بالانتماء إلى جماعات مسلحة، وهو ما جعلهم هدفاً مشروعاً في نظر الجيش.
وجاءت مجلة “+972” لتكشف عن وحدة عسكرية خاصة مهمتها ترويج بيانات مضللة عن الإعلاميين الفلسطينيين.
من بين الأسماء التي طالتها هذه الممارسات حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا اللذان استشهدا خلال تغطيتهما في يناير 2024م.

تقرير النقابة أورد أمثلة عديدة من القنوات التلفزيونية الإسرائيلية فقد ظهر المذيع شمعون ريكلين معلنًا رغبته في تدمير كل بنية تحتية في غزة، فيما عبرت مذيعة أخرى عن أملها في محو القطاع بالكامل. الصحافي داني نيومان ذهب أبعد حين دعا إلى قتل مئة ألف فلسطيني خلال يومين.
مثل هذه التصريحات لم تمر كآراء فردية معزولة، وإنما أصبحت جزءًا من خطاب جماعي يعزز فكرة الحرب الشاملة ويبرر قتل المدنيين.

في الصحافة المكتوبة رصد التقرير لغة تحريضية واضحة صحيفة “إسرائيل اليوم” استخدمت توصيفات وُصفت بالعنصرية ضد الفلسطينيين، وصحيفة “مكور ريشون” اعتمدت خطابًا ينسجم مع السياسات الرسمية، بينما كررت مواقع “Ynet” و“Maariv” و“Walla” البيانات العسكرية من دون تمحيص أو عرض وجهة نظر مغايرة.
بذلك ظهر المشهد الإعلامي كامتداد للرواية الرسمية من دون مساحة للنقد أو المراجعة.

وتجاوز الأمر لغة التحريض ليصل إلى الميدان، إذ ظهر صحافيون إسرائيليون في صور متداولة وهم يحملون السلاح أثناء تغطية العمليات، النقابة اعتبرت هذه المشاهد دليلاً على غياب الحدود بين العمل الإعلامي والعمل العسكري. الرقابة العسكرية فرضت كذلك قيودًا صارمة على الصحافة الأجنبية، حيث مُنع كثير من الصحافيين الدوليين من الدخول إلى القطاع إلا ضمن مرافقة رسمية، الأمر الذي حصر السردية المتداولة في الرواية الإسرائيلية وحدها.

رئيس لجنة الحريات في النقابة محمد اللحام أكد في تصريحات أن “الإعلام العبري تحول إلى شريك مباشر في التحريض على استهداف المدنيين والصحافيين الفلسطينيين”، مشيرًا إلى أن النقابة تعتزم توثيق أسماء إعلاميين ومؤسسات تورطت في التحريض تمهيداً لملاحقتهم دولياً، وإدراجهم في قوائم سوداء.

هذه المعطيات تفتح باب النقاش حول مسؤولية المؤسسات الإعلامية في أوقات النزاع، فإذا كانت الصحافة يفترض أن تعمل كأداة مساءلة ورقابة، فإن انخراطها في تبرير الانتهاكات يطرح أسئلة أخلاقية وقانونية حول الحد الفاصل بين حرية التعبير والمشاركة في جرائم حرب. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 3