ماذا يحمل الوفد السوري إلى بيروت؟

جوسلين معوض

2025.08.31 - 03:12
Facebook Share
طباعة

 تشهد الساحة اللبنانية خلال الأسبوع المقبل حدثاً سياسياً بارزاً مع وصول وفد سوري رفيع المستوى يضم شخصيات سياسية وأمنية وقضائية، في زيارة رسمية تهدف إلى مناقشة ملفات عالقة بين البلدين. وتأتي هذه الخطوة في ظلّ ظروف إقليمية دقيقة وتحديات داخلية مشتركة، ما يجعلها محطّ متابعة دقيقة من الأوساط السياسية والإعلامية في بيروت ودمشق على حد سواء.


ملفات حساسة على الطاولة
الوفد السوري سيبحث مع المسؤولين اللبنانيين سلسلة من القضايا الحيوية، في مقدّمها ملف الموقوفين والسجناء السوريين في لبنان، وهو ملف شائك ومعقّد نظراً لتعدد الحالات والظروف المحيطة به. ويُتوقّع أن يركّز الحوار على تصنيف هؤلاء الموقوفين إلى ثلاث فئات رئيسية:
الفئة الأولى: سوريون صدرت بحقهم أحكام قضائية وينفذون محكومياتهم.
الفئة الثانية: سجناء يخضعون للمحاكمة في قضايا متعددة، بعضها صدر فيه حكم والآخر ما زال عالقاً.
الفئة الثالثة: موقوفون لم تصدر بحقهم أي أحكام بعد، وبعضهم ما يزال ينتظر بدء الإجراءات القضائية.


هذا التصنيف، وفق ما يتم تداوله في الأوساط الرسمية، سيكون أساس النقاش حول إمكان معالجة أوضاع هؤلاء، خصوصاً أن عدداً كبيراً منهم يقبع في السجون منذ سنوات من دون محاكمة، الأمر الذي يثير انتقادات حقوقية ويضع السلطات اللبنانية أمام ضغوط متزايدة.


التعاون الأمني والقضائي
الزيارة لن تقتصر على موضوع الموقوفين، بل ستشمل أيضاً ملفات أمنية تتعلق بالحدود والمعابر الرسمية وغير الرسمية. وتأتي هذه المناقشات في ظل تفاقم عمليات التهريب عبر الحدود، سواء للبضائع أو المحروقات أو حتى البشر، وهو ما يرهق الأجهزة الأمنية والاقتصاد في البلدين معاً.


ومن المتوقع أن يطرح الجانب اللبناني رؤية لتعزيز ضبط الحدود، تتضمّن تفعيل التعاون الاستخباراتي وتبادل المعلومات، إضافة إلى وضع آلية مشتركة لمكافحة التهريب والحد من شبكات الجريمة المنظمة. في المقابل، يسعى الجانب السوري إلى ضمان أن يتم التعاطي مع ملف الموقوفين بروح تعاون بعيداً عن التسييس، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الملفات التي تمسّ الجيش اللبناني أو ترتبط بأعمال إرهابية.


استبعاد ملف النازحين
اللافت في هذه الزيارة أنها لن تتطرق – وفق المعطيات المتوفرة – إلى ملف النازحين السوريين في لبنان، رغم أنه من أكثر الملفات سخونة وحساسية على الساحة الداخلية. ويبدو أن الطرفين فضّلا تجنّب فتح هذا الملف حالياً نظراً لتعقيداته وتشابك المصالح الدولية والإقليمية فيه، إضافة إلى الانقسام الحاد داخل لبنان حول كيفية معالجته.


أهمية التوقيت
توقيت الزيارة لا يقلّ أهمية عن مضمونها، إذ تأتي في ظلّ تزايد الحديث عن إعادة ترتيب العلاقات بين بيروت ودمشق على مستويات عدة. فبينما يتّسم المشهد الداخلي اللبناني بالتعقيد نتيجة الانقسامات السياسية والضغوط الاقتصادية، تسعى الحكومة إلى الحفاظ على قنوات تواصل مفتوحة مع سوريا لمعالجة القضايا المشتركة، خصوصاً تلك التي لا تحتمل مزيداً من التأجيل مثل ملف السجون وضبط الحدود.

كما أن الجانب السوري بدوره يولي هذه الزيارة أهمية مضاعفة، فهي تتيح له إعادة تثبيت دوره كشريك لا يمكن تجاوزه في القضايا الأمنية والإنسانية التي تتعلق بلبنان.


ما الذي ينتظره اللبنانيون؟
المواطن اللبناني ينظر إلى هذه الزيارة من زاويتين: الأولى أمنية تتعلق بمدى قدرة التعاون مع دمشق على ضبط الحدود ومكافحة التهريب الذي يستنزف الاقتصاد، والثانية إنسانية وقضائية ترتبط بمصير مئات الموقوفين السوريين الذين يعيشون أوضاعاً صعبة في السجون اللبنانية.


وفي الوقت الذي يأمل فيه البعض أن تفتح هذه الزيارة باباً لمعالجة متأنية وعادلة لهذه الملفات، يتخوّف آخرون من أن تبقى النتائج محصورة في البيانات والتصريحات من دون خطوات عملية ملموسة، كما جرى في لقاءات سابقة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 1