بين مكافحة الإرهاب وتضييق الحريات.. حملة قسد

سامر الخطيب

2025.08.30 - 05:14
Facebook Share
طباعة

 شهدت محافظة الحسكة، فجر السبت 30 آب، حملة أمنية واسعة نفذتها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، قالت إنها تستهدف خلايا تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، في وقت تحدثت فيه مصادر محلية عن اعتقالات طالت نشطاء وشخصيات دينية واجتماعية معارضة لسياساتها.


تفاصيل الحملة في الحسكة
تركزت الحملة الأمنية في عدة أحياء من مدينة الحسكة، أبرزها غويران، النشوة، الزهور، العزيزية، الغزل، وخشمان، حيث نفذت قوات قسد مداهمات واعتقالات متزامنة.


ووفق مصادر محلية من حي غويران، فإن الحملة شملت عدداً من النشطاء والمواطنين الذين يُعرف عنهم معارضتهم لسياسات "قسد"، إلى جانب آخرين تربطهم صلات قرابة مع شخصيات سياسية وإعلامية مقيمة خارج مناطق شمال شرق سوريا. ومن بين المعتقلين الشيخ عماد الخلف، إمام مسجد التوحيد في حي غويران، إضافة إلى خالد ومحمد الحريث، وغزوان ومخلف الأغوات، وفارس المسلط من أبناء الحي.


واتهمت المصادر "قسد" باستخدام ذريعة ملاحقة تنظيم داعش لتصفية حسابات سياسية وأمنية مع معارضين محليين، سواء ممن يعبرون عن موقفهم علنًا أو ممن يرتبطون بعلاقات مع جهات محسوبة على الحكومة السورية.


إغلاق كامل للمدينة
بالتزامن مع الحملة، فرضت قوات "قسد" إغلاقاً كاملاً على مدينة الحسكة، حيث أغلقت جميع الطرق المؤدية إلى المدينة والخارجة منها، ما تسبب بازدحام كبير وتكدس مئات السيارات وحافلات النقل على مداخلها منذ ساعات الفجر الأولى.


كما أغلقت المحال التجارية والأسواق، وفرضت حظر تجوال شامل على السكان من دون تحديد موعد لإنهائه. مصادر مقربة من "قسد" أشارت إلى أن هذه الإجراءات ستستمر إلى حين استكمال عمليات التمشيط الأمني.


بيان رسمي من قسد
في بيان رسمي، أعلنت "قسد" أن حملتها في الحسكة تهدف إلى "تفكيك أوكار تنظيم داعش وملاحقة خلاياه النائمة والنشطة"، معتبرة أن التنظيم ما يزال يشكل تهديداً على حياة المدنيين وأمن المنطقة، خصوصاً مع تكرار محاولاته استهداف السجون ومراكز الاحتجاز.


وأوضحت أن "فرق العمليات العسكرية (TOL)" تشارك بشكل مباشر في الحملة، من خلال الدعم الاستخباراتي وتحديد الأهداف بدقة، بما يضمن تقليل المخاطر على المدنيين. وفي تحديث لاحق، أكدت "قسد" أنها ألقت القبض على 39 عنصراً من خلايا داعش، وضبطت كميات من الأسلحة والذخائر.


تصعيد متزامن في دير الزور
لم تقتصر التحركات الأمنية على الحسكة وحدها، إذ صعّدت "قسد" من أنشطتها في محافظة دير الزور خلال الساعات الماضية. فقد نصبت حواجز جديدة في مناطق عدة، أبرزها عند "المعامل" شمالي دير الزور، حيث أجرت عمليات تفتيش دقيقة على المارّة والتدقيق في الهويات الشخصية.


وفي بلدة الحوايج بريف دير الزور الشرقي، داهمت قوة تابعة لقسد حي "الطبخان"، ونفذت حملة اعتقالات طالت شخصاً من آل الهواش وآخر من عائلة الرسان. كما شهدت قرية الزر القريبة حملة مماثلة أسفرت عن اعتقال علي الحسن السلامة وحسين علي الدرويش.


هذه الحملات الأمنية أثارت حالة من القلق والتوتر بين الأهالي، وسط شكاوى من أن المداهمات كثيراً ما تستهدف مدنيين لا تربطهم صلة مباشرة بالتنظيم، وأنها تتحول في بعض الأحيان إلى وسيلة "تضييق" على السكان المحليين.


بين المبررات والانتقادات
بينما تؤكد "قسد" أن تحركاتها تأتي في إطار مواجهة "خطر متجدد" لتنظيم داعش، يرى منتقدوها أن توسيع نطاق الاعتقالات وفرض الإغلاق الشامل على المدن يعمّق من حالة الاحتقان الشعبي. ويشير هؤلاء إلى أن توظيف ذريعة مكافحة الإرهاب قد يتحول إلى أداة لمعاقبة المعارضين أو فرض السيطرة الأمنية على المجتمع المحلي.


في المقابل، يعتبر مؤيدو "قسد" أن الحملة ضرورية في ظل تصاعد تهديد التنظيم، خاصة بعد تقارير متكررة عن نشاط خلاياه في شمال شرق سوريا ومحاولاته المتكررة شن هجمات على قوات الأمن والسجون.


خلاصة
تأتي الحملة الأخيرة في سياق تصعيد أمني واسع تشهده مناطق شمال وشرق سوريا منذ أسابيع، حيث تحاول "قسد" تعزيز قبضتها الأمنية في الحسكة ودير الزور، في مواجهة خلايا داعش من جهة، وفي ظل بيئة محلية مشحونة بالرفض والانتقادات من جهة أخرى. وبين المبررات الرسمية والاتهامات الشعبية، تبقى الحملة مرشحة لمزيد من الجدل في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع استمرار الغموض حول نتائجها النهائية ومدى ارتباطها فعلاً بخطر تنظيم داعش أو بخلافات سياسية وأمنية محلية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 1