إلى أين تتجه غزة بعد تهديد إسرائيل بوقف المساعدات وإجلاء السكان؟

غزة- وكالة أنباء آسيا

2025.08.30 - 03:28
Facebook Share
طباعة

مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، كشفت مصادر إسرائيلية عن نية تل أبيب تقليص أو حتى وقف وصول المساعدات الإنسانية إلى أجزاء واسعة من شمال القطاع. هذه الخطوة تأتي ضمن استعدادات إسرائيل لإجلاء مئات آلاف الفلسطينيين من مناطقهم قبل إطلاق عملية عسكرية موسعة تهدف للسيطرة على مدينة غزة بالكامل، فيما تحذر المنظمات الدولية من وقوع كارثة إنسانية واقتصادية لا سابق لها.

 

الوضع في شمال غزة وصل إلى نقطة حرجة، حيث تشير التقديرات الإسرائيلية إلى احتمالية توقف كامل للشاحنات الإنسانية التي تدخل القطاع، إلى جانب إيقاف عمليات الإنزال الجوي للمساعدات فوق المدينة. هذه الخطوة، بحسب المسؤول الإسرائيلي الذي طلب عدم الكشف عن هويته، تهدف إلى شل حركة حركة حماس وتقليص قدرتها على التحرك، إلا أنها في الوقت ذاته تضع سكان القطاع أمام مأزق إنساني غير مسبوق.

 

إجراءات إسرائيل تأتي في ظل خطة عسكرية معروفة باسم "عربات جدعون 2"، التي وافق عليها وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في 21 أغسطس الجاري. الهدف الرسمي من هذه الخطة هو السيطرة على مدينة غزة بالكامل بعد سنتين من الحرب المستمرة، والبدء في تهجير تدريجي لنحو مليون فلسطيني من مناطقهم، خصوصًا في أحياء كحي الزيتون والصبرة. هذا التهجير الإجباري يشكل نقطة توتر رئيسية، ليس فقط على المستوى الإنساني، بل أيضًا على الصعيد السياسي الإقليمي والدولي، حيث يندد المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بخطورة الأوضاع وتفاقم المجاعة.

التداعيات الإنسانية لهذه الإجراءات واضحة على الأرض: تراكم المساعدات على الحدود، تلف الأغذية، وزيادة الضغط على السكان الذين يعانون أصلاً من نقص حاد في المواد الأساسية. تقارير الأمم المتحدة حذرت من أن أي توقف أو تأخير إضافي في وصول المساعدات سيؤدي إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق، بما في ذلك مجاعة متزايدة وانتشار الأمراض.

على المستوى السياسي، تمثل هذه الإجراءات رسالة إسرائيلية مزدوجة: أولًا محاولة لضبط حركة حماس وفرض سيطرة على مناطق استراتيجية داخل غزة، وثانيًا إشعار واضح للعالم بأن إسرائيل تعتزم تنفيذ خطتها العسكرية على الرغم من الانتقادات الدولية والتحذيرات الإنسانية. هذا التوجه يزيد من تعقيد جهود الوساطة المصرية والدولية، التي تسعى لتخفيف المعاناة وفتح معابر إنسانية مستقرة لسكان القطاع.

بالنظر إلى تاريخ النزاع، فإن التهجير القسري والتقليص المستمر لوصول المساعدات يمثل تكرارًا لسيناريوهات سابقة حيث أصبحت غزة بمثابة ساحة اختبار للسياسات الإسرائيلية تجاه المدنيين، مع نتائج مأساوية على الصعيد الإنساني. وفي الوقت نفسه، تحاول القاهرة والمنظمات الدولية الحفاظ على توازن دقيق بين الضغط السياسي على إسرائيل والحفاظ على وصول المساعدات إلى السكان الأكثر ضعفًا.

 

الوضع الحالي في غزة ليس مجرد أزمة عابرة، بل يشير إلى نقطة حرجة في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث تتشابك الأبعاد العسكرية مع الإنسانية والسياسية. توقف المساعدات المحتمل، والتهجير الإجباري المخطط له، يشكل تهديدًا مباشرًا للسكان ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه غزة. تحركات إسرائيل تعكس استراتيجية صلبة للسيطرة العسكرية، بينما يبقى الميدان الإنساني والتفاوضي في منطقة رمادية، تعتمد على توازن القوى والدور المصري والدولي في محاولة منع الكارثة التي قد لا يطويها الزمن.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 7