المساعدات الإنسانية تكشف مأزق إسرائيل السياسي

متابعات _ وكالة أنباء آسيا

2025.08.29 - 10:57
Facebook Share
طباعة

عندما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن “مضاعفة المساعدات الغذائية” إلى غزة عقب لقائه مديرة برنامج الأغذية العالمي سيندي ماكين، بدا الأمر وكأنه محاولة للرد على سلسلة من التقارير الأممية التي وصفت الوضع في القطاع بالكارثي.
لكن خلف هذا الإعلان تقف اعتبارات سياسية وأمنية أكثر من كونها استجابة إنسانية.

فالقطاع يعيش منذ أشهر حالة حصار خانق جعلت الأمم المتحدة نفسها تحذر من “مجاعة متفشية”، خاصة في شمال غزة.
زيارة ماكين، وما رافقها من تصريحات عن مشاهد مؤلمة لأطفال ونساء جياع، وضعت إسرائيل أمام انتقادات متجددة بأنها تتعمد استخدام الغذاء كسلاح. ولهذا، جاء إعلان نتنياهو في سياق امتصاص الضغوط، وإعادة تقديم حكومته بصورة أكثر “تجاوبًا” مع المجتمع الدولي، في لحظة حساسة تشهد تزايد الدعوات لوقف إطلاق النار.

اللافت أن إسرائيل تحاول الموازنة بين خطابها الإنساني ومواقفها السياسية فهي من جهة تعلن تسهيلات لمرور المساعدات، ومن جهة أخرى تواصل اتهام حماس بالاستيلاء على الشحنات، لتبرير القيود التي تفرضها.
هذا الخطاب يخدم إسرائيل في معركتها الإعلامية، لكنه لا يغير واقع المدنيين الذين يضطرون لعبور مناطق مدمرة وخطرة للحصول على كيس دقيق أو علبة حليب.

من زاوية أخرى، يمكن قراءة هذه التطورات في إطار لعبة تفاوضية أوسع.
فملف المساعدات بات مرتبطًا بمحادثات التهدئة الجارية عبر وساطة مصرية وقطرية، والتي تتضمن مقترحات لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
إسرائيل تحاول ربط الملف الإنساني بهذه الترتيبات السياسية، وهو ما يفسر ترددها في تقديم تنازلات واضحة، بينما تسعى حماس لإبراز المعاناة اليومية كدليل على أن الاحتلال يتهرب من التزاماته.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بتصريحاته الأخيرة عن غزة باعتبارها “مليئة بالأنقاض والجثث”، زاد من عزلة إسرائيل أمام الرأي العام العالمي. فالمسألة لم تعد فقط حربًا على “حماس”، بل اختبارًا لمبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان. وهنا يتضح أن إعلان نتنياهو عن مضاعفة المساعدات ليس سوى جزء من معركة أوسع: معركة الرواية والصورة أمام العالم، أكثر مما هو حل فعلي لأزمة الجوع.

بهذا، يصبح ملف المساعدات الإنسانية مرآة تكشف تداخل الأبعاد الإنسانية بالسياسية. فما يبدو إجراءً لتخفيف المعاناة ليس في الواقع سوى أداة في صراع طويل، حيث يبقى المدنيون الغزيون هم الحلقة الأضعف بين حسابات الحرب وضغوط الدبلوماسية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4