في خطوة قد تحمل تداعيات سياسية واجتماعية واسعة، أعلن مسؤول لبناني رفيع أن جهود نزع السلاح من المخيمات الفلسطينية قد تمهد الطريق أمام تحسين الحقوق القانونية للاجئين الفلسطينيين في لبنان. تصريحات رامز دمشقية، رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني، جاءت لتسلط الضوء على رابط مباشر بين الأمن الداخلي والتحولات القانونية المحتملة للاجئين، وهو موضوع طالما شكل محور خلافات سياسية واجتماعية في لبنان.
وأوضح دمشقية في حديثه مع وكالة "أسوشيتد برس" أن لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني، وهي هيئة حكومية تعمل كوسيط بين اللاجئين والسلطات الرسمية، تعمل على إعداد مشروع قانون يهدف إلى تحسين أوضاع نحو 200 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان. المشروع لا يشمل منح الجنسية، التي لا يزال حظرها قائمًا وفقًا للسياسات اللبنانية التقليدية للحفاظ على "حق العودة" للفلسطينيين، لكنه يركز على حقوق أساسية مثل: العمل في مهن كانت محظورة، وحق التملك، والحماية القانونية الموسعة.
وأضاف دمشقية أن تحقيق أي تقدم في هذا الإطار يرتبط بشكل مباشر بتقدم جهود نزع السلاح داخل المخيمات، مشددًا على أن "إذا رأى الناس تحركًا جدّيًا في ما يتعلق بتسليم الأسلحة، وأن الفلسطينيين هنا جادون في التحول إلى مجتمع مدني بدل المخيمات المسلحة، فإن الخطاب القانوني والاجتماعي سيكون أسهل بكثير".
هذه التصريحات تأتي في ظل استمرار الجيش اللبناني في حملاته لسحب الأسلحة من المخيمات الفلسطينية، وهو ملف لطالما أثار جدلًا بين القوى السياسية اللبنانية والفلسطينية على حد سواء. فبينما يرى البعض أن نزع السلاح يمثل خطوة ضرورية للأمن والاستقرار الداخلي، يعتبر آخرون أن هذا الإجراء قد يفتح الباب أمام تغييرات جوهرية في الوضع القانوني للفلسطينيين، ويثير حساسية بالغة حول مستقبل "حق العودة" الذي تعتبره القيادة الفلسطينية غير قابل للتفاوض.
من منظور تحليلي، فإن ربط الحقوق القانونية الفلسطينية بنزع السلاح يمثل خطوة سياسية دقيقة وذات مخاطر مزدوجة. على المستوى الداخلي اللبناني، قد يسهم هذا الربط في تخفيف التوترات الأمنية في المخيمات، ويعطي الحكومة أدوات للتفاوض المباشر مع الفصائل الفلسطينية. على المستوى الفلسطيني، يحمل المشروع إشارات ضمنية عن إمكانية الانخراط في صيغة مجتمعية مدنية أكثر، لكنها في الوقت نفسه تفتح النقاش حول حدود التنازلات القانونية والسياسية التي يمكن قبولها.
يبقى السؤال الأكبر حول مدى قدرة الأطراف اللبنانية والفلسطينية على ترجمة هذا المشروع إلى واقع ملموس، وسط حساسية عالية تجاه الحقوق الأساسية للاجئين، والتوازن الدقيق بين الأمن الداخلي والسيادة اللبنانية، وبين الحقوق القانونية للفلسطينيين وحق العودة الذي لا يزال حاضرًا في الخطاب السياسي الفلسطيني الرسمي.