الضفة الغربية: مفترق طرق بين الضم والتجزئة

2025.08.29 - 08:20
Facebook Share
طباعة

تستعد الحكومة الإسرائيلية لمناقشة ملف ضم أجزاء من الضفة الغربية في اجتماعها المقبل، وهو ما أثار تكهنات واسعة حول مستقبل المنطقة. ورغم عدم وجود تأكيدات بقرار فوري، فإن طرح هذا الموضوع على جدول الأعمال يعكس تحولات داخلية ودولية قد تعيد تشكيل مسار الصراع.


صراع الأجنحة: حسابات داخلية وسياسات متناقضة
يواجه الائتلاف الحاكم في إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو ضغوطًا متباينة. فمن جهة، يدفع وزراء اليمين المتشدد، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، باتجاه الضم الفوري كخيار أيديولوجي. ومن جهة أخرى، يبدي نتنياهو حذرًا، مدركًا أن خطوة كهذه قد تؤدي إلى توترات حادة مع حلفاء غربيين أساسيين.

 

هذا التناقض يكشف عن انقسام تكتيكي: هل يتم المضي قدمًا في الضم بشكل مباشر، أم تستمر سياسة "الضم الزاحف" عبر توسيع الاستيطان وتكريس السيطرة الإدارية على الأرض؟


ردود الفعل الدولية: بين الإدانة والتحركات الدبلوماسية

يأتي التوقيت في غاية الحساسية، بالتزامن مع استعدادات الجمعية العامة للأمم المتحدة لدورة جديدة قد تشهد مبادرات أوروبية للاعتراف بالدولة الفلسطينية. إن أي خطوة إسرائيلية نحو الضم ستُفسَّر دوليًا على أنها محاولة لإحباط هذه التحركات.

من المرجح أن تواجه إسرائيل موجة من الإدانات الدبلوماسية، خاصة من أوروبا. فدول مثل فرنسا وإسبانيا قد تتخذ مواقف أكثر صرامة، بينما ستجد واشنطن نفسها أمام تحدي الموازنة بين تحالفها مع إسرائيل وضغوط حلفائها. وعلى الرغم من ذلك، قد تراهن إسرائيل على أن هذه الضغوط لن تصل إلى مستوى العقوبات المؤثرة.


تداعيات على الأرض: التجزئة الجغرافية والسياسية
يحمل الضم الجزئي، وخصوصًا في منطقة E1 التي تربط القدس بمستوطنة معاليه أدوميم، تبعات خطيرة على الجغرافيا الفلسطينية. هذه المنطقة تُعد شريانًا حيويًا يربط شمال الضفة بجنوبها. وأي بناء استيطاني أو ضم رسمي سيجعل التواصل الفلسطيني الداخلي شبه مستحيل، مما يضعف بشكل كبير من قابلية تطبيق حل الدولتين.


من المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى:
* تفاقم التوترات الميدانية وازدياد المواجهات الشعبية.
* زيادة عزلة القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني.
* إضعاف الموقف التفاوضي للسلطة الفلسطينية.
السيناريوهات المحتملة: مسارات متعددة أمام تل أبيب
تتعدد السيناريوهات المحتملة لمستقبل الضفة الغربية:
* الضم التدريجي الصامت: اعتماد خطوات إدارية واستيطانية على الأرض دون إعلان رسمي، لتجنب ردود فعل دولية قوية.
* إعلان ضم جزئي: خطوة واضحة قد تفتح مواجهة دبلوماسية وأمنية أوسع.
* تأجيل سياسي: الاكتفاء بمناقشة الملف كورقة ضغط داخلية، دون اتخاذ إجراء مباشر، بانتظار ظروف دولية أكثر ملاءمة.

 


الضم الزاحف مقابل الإعلان الرسمي: تاريخ وتجدد
فكرة ضم أجزاء من الضفة الغربية ليست جديدة. ففي عام 2020، طرحت خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب المعروفة بـ"صفقة القرن"، التي منحت إسرائيل ضوءًا أخضرًا لضم نحو 30% من الضفة.


ورغم أن ضغوطًا دولية أدت إلى تجميد هذه الخطوة حينها، فقد استمرت الحكومات الإسرائيلية في سياسة "الضم الزاحف" عبر التوسع الاستيطاني.
في الوقت الحاضر، ومع صعود تيارات اليمين المتشدد، تجددت المطالبات بالانتقال من السيطرة الإدارية إلى السيادة الرسمية، وهو ما يجعل النقاش الحالي نقطة تحول محتملة في مسار الصراع.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 10