ماذا يعني قرار إسرائيل السيطرة على غزة وسط التحذيرات الأممية؟

2025.08.29 - 08:10
Facebook Share
طباعة

يبدو أن قطاع غزة يدخل مرحلة جديدة من الصراع بعد إعلان إسرائيل نيتها السيطرة على مدينة غزة، في خطوة وصفها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنها "تصعيد مميت". هذه التطورات تضع المجتمع الدولي أمام اختبار عسير، حيث تتقاطع الأبعاد الإنسانية مع الحسابات السياسية والعسكرية في أخطر معركة تشهدها غزة منذ عقود.

 


تحذيرات غوتيريش ليست مجرد موقف سياسي عابر، بل تعكس حجم الكارثة الإنسانية التي تهدد حياة مليون إنسان داخل المدينة. الأمين العام شدد على أن الاحتلال العسكري لن يحقق أي حل دائم، وأن العواقب ستكون نزوحاً جماعياً جديداً وفقدان السيطرة على الوضع الإنساني.
لكن المشكلة تكمن في محدودية قدرة الأمم المتحدة على التأثير. فبينما تصدر الإدانات والتحذيرات، لا تزال قرارات مجلس الأمن مجمدة بسبب الانقسامات الدولية، ما يجعل لغة التحذير بلا أدوات فعلية لردع إسرائيل.

 


قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إعطاء الضوء الأخضر للجيش بالسيطرة على مدينة غزة يعكس إصراراً على حسم عسكري، رغم إدراك المخاطر الإنسانية والسياسية.

إسرائيل تطرح خطة "إجلاء مدروس" للسكان مع إنشاء مراكز مساعدات إنسانية، لكنها تتجاهل حقيقة أن البنية التحتية في جنوب القطاع منهارة أصلاً، وأن أي عملية نزوح جماعي ستفاقم المجاعة وانتشار الأمراض.

من زاوية أخرى، تحاول الحكومة الإسرائيلية استثمار السيطرة على المدينة كورقة ضغط في ملف الرهائن والمفاوضات السياسية، معتبرة أن القوة الميدانية قد تفرض واقعاً جديداً على الأطراف الإقليمية والدولية.


الأرقام القادمة من وزارة الصحة في غزة ترسم صورة أكثر قتامة: 317 وفاة بسبب المجاعة، بينهم 121 طفلاً، بينما تحولت المستشفيات إلى مراكز طوارئ عاجزة عن توفير أبسط العلاجات.
السيطرة على المدينة قد تعني عملياً سقوط آخر معاقل الخدمات المدنية، ما يضع المدنيين أمام خيارين: النزوح إلى المجهول أو البقاء تحت القصف والحصار. هذه المعادلة الإنسانية تمثل التحدي الأكبر الذي تخشاه منظمات الإغاثة الدولية.

 


من الناحية الإقليمية، أي اجتياح لمدينة غزة سيعيد خلط الأوراق بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، وربما يفتح جبهات ضغط من لبنان أو الضفة الغربية. أما دولياً، فإن المجتمع الدولي أمام لحظة اختبار: هل يكتفي بالتنديد، أم يسعى إلى فرض وقف لإطلاق النار بضغط سياسي واقتصادي على تل أبيب؟
اللافت أن واشنطن، الحليف الأوثق لإسرائيل، لا تزال توازن بين دعم العمليات العسكرية والتحذير من التدهور الإنساني، وهو موقف قد يحدد سقف التصعيد المقبل.

 


السيطرة الإسرائيلية على مدينة غزة لا تبدو مجرد خطوة عسكرية، بل هي تحول استراتيجي قد يغير شكل الصراع بالكامل. وبينما يحذر غوتيريش من "كارثة بلا سابقة"، تبقى غزة رهينة معادلة معقدة: قوة إسرائيلية متصاعدة، وصوت دولي عاجز، وأزمة إنسانية تقترب من نقطة الانهيار الكلي.


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 1