نفّذ الجيش الإسرائيلي مساء الأربعاء عملية إنزال عسكري غير مسبوقة في منطقة الكسوة بريف دمشق، استمرت أكثر من ساعتين، بمشاركة أربع مروحيات وعدد من الجنود. العملية أثارت تساؤلات واسعة حول أهدافها الحقيقية، خصوصاً أنها جاءت بعد سلسلة غارات دموية أوقعت قتلى وجرحى ودماراً في مواقع عسكرية سورية.
انتهاك جديد للسيادة
مصدر عسكري سوري أوضح أن قوات إسرائيلية هبطت في ثكنة عسكرية قرب الكسوة، مستخدمة تجهيزات للبحث والتنقيب، من دون أن يحدث أي اشتباك مباشر مع عناصر الجيش السوري.
اللافت أن العملية جاءت بعد 24 ساعة فقط من استهداف جوي إسرائيلي لمواقع الجيش السوري في جبل المانع، حيث قُتل ستة جنود وأصيب آخرون أثناء تدريبات ميدانية، فيما جرى لاحقاً استهداف فريق من الدفاع المدني أثناء محاولته إسعاف المصابين.
المصدر الحكومي تحدث عن أن” الجيش عثر يوم 26 آب على أجهزة مراقبة وتنصّت قرب جبل المانع، لكن أثناء محاولة التعامل معها، تعرض الموقع لقصف جوي إسرائيلي كثيف حال دون الوصول إليه لساعات طويلة. لاحقاً تمكنت وحدات من الجيش من تدمير جزء من تلك الأجهزة وسحب جثامين الشهداء، لتعاود المقاتلات الإسرائيلية استهداف المنطقة وتفتح الطريق أمام عملية الإنزال”.
قصف متزامن وغارات متكررة
مصادر الميدانية أكدت أن الغارات الإسرائيلية يوم أمس الأربعاء طالت:
محطة رادار SK كورية الصنع تابعة للفوج الرابع.
مستودعاً ضخماً لصواريخ إيغلا-إس المضادة للطائرات.
منشآت عسكرية في تل المانع ومقرات للجيش السوري في الكسوة.
وبلغ عدد الغارات نحو 15 غارة جوية خلال جولتين متتاليتين، استخدمت فيها صواريخ متعددة، وأسفرت عن انفجارات في مواقع متفرقة بالمنطقة.
ما تقوله وسائل الإعلام الإسرائيلية
إذاعة جيش الاحتلال تحدثت صراحة عن أن قواتها دخلت موقعاً عسكرياً سورياً في الكسوة، دمّرت تجهيزات عسكرية لوجستية ونقلت قسماً منها. كما أشارت إلى مشاركة أكثر من 30 جندياً في الإنزال، بالتزامن مع إلقاء الطيران الحربي قنابل ضوئية لتأمين الأجواء.
صحيفة هآرتس من جهتها قالت إن الإنزال استمر أكثر من ساعتين، بمشاركة أربع مروحيات عسكرية هبطت في مواقع متفرقة.
السيناريوهات المحتملة: ماذا كان الهدف؟
يبقى السؤال الأساسي: ما الذي فعلته إسرائيل في إنزالها؟ هل جاءت لاسترجاع أجهزة تجسس بعد كشفها؟ أم كان الهدف التدمير الكامل أو جمع معلومات عسكرية؟
يمكن تلخيص الاحتمالات بثلاثة مسارات:
استعادة الأجهزة المكشوفة
العثور على معدات مراقبة قرب جبل المانع قبل القصف يوحي بأن إسرائيل خشيت انكشاف تفاصيل تقنية او ماجمعت من معلومات، فسارعت لإرسال قوة خاصة لسحب ما تبقى منها.
تصفية الأدلة ميدانياً
بما أن الجيش السوري تمكن من تدمير جزء من الأجهزة وسحب الجثامين، ربما هدفت العملية لإزالة ما تبقى من أي منظومات حساسة لا يمكن تدميرها بالغارات الجوية فقط.
تفتيش وجمع معلومات
التركيز على مستودعات الصواريخ والرادار قد يشير إلى أن العملية لم تقتصر على “سحب أجهزة او تدميرها” بل تضمنت بحثاً استخباراتياً دقيقاً حول إمكانيات الدفاع الجوي السوري او التأكد من تدمير مخازن الصواريخ والمعدات العسكرية وماتبقى في الموقع.
أبعاد الانتهاك
العملية – سواء كانت لسحب أجهزة أو تدميرها – تؤكد استمرار إسرائيل في خرق السيادة السورية، من خلال دمج القصف الجوي بإنزال بري مباشر.
ورغم ذلك، فإن مجرد بقاء قوات أجنبية لأكثر من ساعتين داخل ثكنة عسكرية سورية يشكل سابقة خطيرة، ورسالة بأن إسرائيل لم تعد تكتفي بالضربات من الجو، بل باتت تنفذ عمليات اقتحام ميداني في قبل العاصمة.