شهد حزب الليكود الإسرائيلي، خلال الأسابيع الأخيرة، زيادة غير مسبوقة في عدد الأعضاء الحريديم، حيث تضاعف عددهم ثلاث مرات مقارنة بالفترة السابقة. ويأتي هذا التحول في سياق حملة عضوية واسعة قادها أعضاء مؤثرون داخل الحزب، بهدف تعزيز النفوذ الحريدي على السياسات الداخلية للحزب وعلى قرارات الحكومة الإسرائيلية بشكل عام.
المجتمع الحريدي في إسرائيل لطالما اعتمد على أحزاب الحريديم التقليدية مثل "شاس" و"يهدوت هاتوراه" لتمثيله سياسيًا، خصوصًا في قضايا الخدمة العسكرية، التمويل الحكومي، والتعليم الديني. إلا أن السنوات الأخيرة شهدت توترات متزايدة بين هذه الأحزاب وبين الحكومة الإسرائيلية حول السياسات المتعلقة بالحريديم، ما دفع العديد من الشخصيات الحريدية إلى البحث عن طرق جديدة للتأثير على السلطة من الداخل، عبر الانضمام إلى حزب الليكود.
قاد حملة تسجيل الأعضاء الجدد يوسي روزنبوم، مستشار العلاقات العامة وعضو بارز في الحزب، حيث نجح في تسجيل نحو 2,100 عضو جديد خلال فترة قصيرة، ليصل إجمالي المسجلين الحريديم إلى حوالي 7,300 عضو. هذه الزيادة الكبيرة لم تؤثر فقط على حجم العضوية الحريدية، بل أعادت تشكيل التوازن الداخلي للحزب، الذي يضم حوالي 140,000 عضو، منهم أقل من 80,000 شاركوا في الانتخابات التمهيدية الأخيرة.
يرى محللون أن هذا التحول يعكس استراتيجية جديدة للمجتمع الحريدي، تعتمد على التأثير المباشر من داخل الأحزاب الرئيسية، بدلًا من الاعتماد على التمثيل الحزبي التقليدي. ومن المرجح أن يسهم هذا النمو في العضوية الحريدية في إعادة صياغة أولويات الحزب، بما في ذلك السياسات المتعلقة بالخدمة العسكرية، التمويل الحكومي، والبرامج الاجتماعية التي تمس المجتمع الأرثوذكسي.
مع زيادة تأثير الأعضاء الحريديم، يواجه الليكود تحديات في إدارة التوازن بين مصالح الأعضاء التقليديين والحريديم، ما قد يؤدي إلى توترات داخلية في الحزب. كما يفتح هذا التحول المجال لتغيرات محتملة في سياسات الحكومة تجاه القضايا الدينية والاجتماعية، وقد يغير بشكل ملموس من ديناميكيات الائتلاف الحكومي في الكنيست.
وشهد حزب الليكود خلال السنوات الأخيرة تغيّرًا واضحًا في تركيبة عضويته، مع ازدياد ملحوظ لعدد الأعضاء من المجتمع الحريدي. هذه الظاهرة ليست مجرد نمو رقمي، بل تعكس تحوّلًا استراتيجيًا في سلوك الحريديم السياسي، إذ بدأوا يتوجهون نحو التأثير المباشر من داخل الحزب الحاكم، بدلًا من الاعتماد على أحزاب الحريديم التقليدية مثل "شاس" و"يهدوت هاتوراه"، التي لطالما اعتُبرت ممثلة مصالحهم الأساسية.
لطالما شكّل المجتمع الحريدي جزءًا محدودًا من جمهور حزب الليكود، إذ كان معظم الحريديم يفضلون الانضمام إلى أحزابهم الخاصة لضمان حماية مصالحهم الدينية والاجتماعية، خصوصًا في ما يتعلق بالخدمة العسكرية، التمويل الحكومي، والتعليم الديني. ومع مرور الوقت، بدأ بعض الشخصيات الحريدية تدرك أن النفوذ من داخل حزب رئيسي يملك القدرة على تشكيل السياسات الوطنية سيكون أكثر تأثيرًا من التمثيل التقليدي، فبدأوا بالانخراط تدريجيًا في صفوف الليكود، مع التركيز على الفروع المحلية ومجالس الإدارة الداخلية، استعدادًا للانتخابات الداخلية والحملات السياسية القادمة.
تشير الأرقام الرسمية إلى أن العضوية الحريدية في الليكود قد شهدت نموًا مستمرًا خلال السنوات الأخيرة، بدءًا من حوالي 1,200 عضو في 2018، مرورًا بارتفاع محدود في 2020 إلى نحو 2,000 عضو، وصولًا إلى 2,400 عضو في 2023. ولكن خلال حملة العضوية الأخيرة في 2025، تضاعف العدد ثلاث مرات ليصل إلى نحو 7,300 عضو، وهو رقم قياسي يعكس نجاح الحملة واستراتيجية الانضمام الجماعي. ويعتبر يوسي روزنبوم، مستشار العلاقات العامة وعضو بارز في الحزب، أحد القادة الرئيسيين لهذه الحملة، حيث تمكن من تسجيل أكثر من 2,100 عضو جديد خلال فترة قصيرة.
هذا النمو الكبير في العضوية الحريدية أسهم في إعادة تشكيل المشهد الداخلي للحزب، خصوصًا فيما يتعلق بالانتخابات التمهيدية، التي تحدد مرشحي الحزب للانتخابات الوطنية. فكل صوت جديد من المجتمع الحريدي له تأثير كبير على نتائج الانتخابات، ما يسمح للأعضاء الجدد بتعزيز مرشحين محددين ودعم سياسات تتوافق مع أولويات الحريديم، بما في ذلك التعليم الديني، التمويل الحكومي لمؤسسات الحريديم، وخطط الإعفاء من الخدمة العسكرية. هذه الديناميكية جعلت من العضوية الحريدية عنصرًا مؤثرًا وحاسمًا في تحديد مستقبل الحزب داخليًا وخارجيًا.
يشير المحللون إلى أن هذا التحول يعكس استراتيجية جديدة للمجتمع الحريدي، تقوم على التأثير المباشر من داخل حزب رئيسي يمتلك القدرة على اتخاذ القرارات الوطنية. بدلاً من الاعتماد على أحزاب صغيرة محدودة التأثير، يسعى الحريديم الآن إلى:
التأثير على أجندة الحزب بما يتوافق مع مصالحهم الاجتماعية والدينية.
ضمان تمثيل قوي في الانتخابات التمهيدية الداخلية.
الحفاظ على وحدة المجتمع الحريدي أمام التحديات السياسية والتغيرات في السياسات الحكومية.
هذا التحول قد يؤدي إلى تغييرات ملموسة في أولويات الحزب، خصوصًا فيما يتعلق بالخدمة العسكرية، التمويل الحكومي، والبرامج الاجتماعية التي تمس المجتمع الأرثوذكسي.
التحديات المستقبلية
على الرغم من النجاح الكبير في تسجيل الأعضاء الجدد، يواجه المجتمع الحريدي تحديات عدة، منها:
التوازن بين مصالح الأعضاء الحريديم والأعضاء التقليديين في الحزب، خصوصًا في حالة اختلاف أولوياتهم.
توتر محتمل مع الأحزاب الحريديمية التقليدية التي قد تشعر بفقدان نفوذها السياسي.
الحاجة إلى الحفاظ على التنظيم الداخلي لضمان استمرار تأثيرهم في الانتخابات القادمة، مع مراعاة التغيرات المحتملة في القوانين والسياسات الوطنية.
إن تضاعف نسبة الأعضاء الحريديم في حزب الليكود ليس مجرد رقم، بل مؤشر على تحول أوسع في الديناميات السياسية الإسرائيلية. هذا التوجه يعكس استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تعزيز النفوذ السياسي للحريديم داخل الحزب والحكومة، مما قد يعيد رسم ملامح التوازن السياسي في إسرائيل، ويؤثر على صياغة السياسات الوطنية المتعلقة بالمجتمع الأرثوذكسي في المستقبل القريب.