أثار إعلان الجيش الإسرائيلي تأجيل مناقشة تقرير شامل حول الإصلاحات العسكرية بعد هجوم حماس المفاجئ في 7 أكتوبر 2023 موجة من التساؤلات داخل المؤسسة العسكرية وخارجها. التقرير، الذي أعدته لجنة من ضباط متقاعدين رفيعي المستوى، كان يهدف إلى معالجة الثغرات التي كشفتها الهجمات الأخيرة، لكن الظروف الأمنية الراهنة في غزة دفعت قيادة الجيش إلى تأجيل اتخاذ أي خطوات تنفيذية.
يأتي هذا التقرير في إطار سلسلة تحقيقات داخلية أطلقتها هيئة الأركان العامة عقب الهجوم الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1,400 إسرائيلي، والذي كشف عن نقاط ضعف في التنسيق والاستخبارات وإدارة العمليات. اللجنة المكلفة بإعداد التقرير ضمت ضباطًا متقاعدين ذوي خبرة واسعة، من بينهم اللواء سامي تورغمان قائد المنطقة الجنوبية السابق، والأدميرال إيلي شارفات قائد البحرية السابق، واللواء أميكام نوركين قائد سلاح الجو السابق.
رغم إتمام اللجنة لتقريرها في الموعد المحدد، إلا أن رئيس الأركان اللواء إيال زامير قرر عدم عرضه حاليًا على منتدى هيئة الأركان العامة، مبررًا ذلك بالتركيز على العمليات العسكرية الجارية في قطاع غزة، بما في ذلك التحضيرات لهجوم واسع محتمل. هذا القرار يعكس استراتيجية الجيش في إعطاء الأولوية للعمليات الحالية على حساب مراجعة الأخطاء السابقة، وهو ما يفتح نقاشًا حول جدية المؤسسة العسكرية في تنفيذ الإصلاحات المقررة.
التأجيل أثار ردود فعل داخلية، حيث أعرب ضباط سابقون عن قلقهم من أن تأخير تطبيق التوصيات قد يؤدي إلى تكرار أخطاء الماضي في ميدان العمليات، خاصة في ظل استمرار التوترات الأمنية في المنطقة الجنوبية. كما أن التوازن بين الحاجة لمراجعة أداء الجيش وتنفيذ العمليات العسكرية الحالية يظهر صعوبة اتخاذ قرارات إصلاحية في بيئة تشهد تهديدات مستمرة ومتغيرة.
يضع تأجيل النظر في التقرير الجيش الإسرائيلي أمام تحديات متزايدة، حيث تتقاطع الحاجة إلى إصلاح الهيكل العسكري وتعزيز الجاهزية مع الضغوط العملياتية المستمرة في غزة. تظل هذه الخطوة اختبارًا لقدرة الجيش على الموازنة بين التعلم من التجارب السابقة وضمان الاستجابة الفعالة للتهديدات الراهنة، مع بقاء الشارع الإسرائيلي والمحللين العسكريين في حالة ترقب لمصير التوصيات والإصلاحات المرتقبة.