في خطوة تحمل أبعادًا سياسية وأمنية عميقة داخل إسرائيل، أعلن الرئيس السابق لجهاز "الموساد"، يوسي كوهين، أنه يرى نفسه المرشح الأنسب لتولي منصب رئاسة الوزراء في المرحلة المقبلة. التصريح الذي جاء عبر مقابلة إعلامية، لم يكن مجرد تعبير عن طموح شخصي، بل يعكس حراكًا متصاعدًا داخل المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية، في ظل اهتزاز مكانة بنيامين نتنياهو وتراجع شعبيته بسبب حرب غزة والتحديات الداخلية.
شخصية مثيرة للجدل
كوهين، الذي شغل منصب رئيس الموساد بين عامي 2016 و2021، اشتهر بكونه مقربًا من نتنياهو، بل واعتُبر لفترة "رجل الظل" الذي نفذ سياسات أمنية واستخبارية حساسة أبرزها عمليات ضد البرنامج النووي الإيراني. لكن انتقاله المفاجئ من "ظل نتنياهو" إلى موقع المنافس المحتمل، يطرح تساؤلات حول التوازنات داخل اليمين الإسرائيلي، خصوصًا أن الرجل يمتلك خبرة أمنية واسعة وعلاقات دولية نسجها خلال سنوات عمله في الموساد.
يأتي تصريح كوهين في وقت يعيش فيه النظام السياسي الإسرائيلي واحدة من أكثر مراحله هشاشة. الحرب المستمرة على غزة، الضغوط الدولية المتصاعدة، الانقسام الداخلي حول ملف الحريات والسياسات الاقتصادية، كلها عوامل تجعل من وراثة نتنياهو تحديًا بالغ الصعوبة. إلا أن كوهين يبدو مدفوعًا بفكرة أن خلفيته الأمنية قد تمنحه ثقة الشارع الإسرائيلي الباحث عن "زعيم قوي" قادر على إدارة الأزمات.
بين الأمن والسياسة
الانتقال من قيادة جهاز استخباري إلى العمل السياسي المباشر ليس أمرًا جديدًا في إسرائيل؛ فقد سبق أن برزت شخصيات مثل إيهود باراك وموشيه يعلون من المؤسسة الأمنية إلى الحكم. لكن كوهين يواجه تحديًا مضاعفًا: أولًا، إثبات أنه ليس مجرد "رجل أمن" بل سياسي قادر على إدارة ملفات مدنية واقتصادية، وثانيًا، تجاوز إرث ارتباطه الوثيق بنتنياهو دون أن يخسر أصوات اليمين المؤيد له.
تصريحات كوهين أثارت ردود فعل متباينة؛ فبينما اعتبرها البعض تمهيدًا لتشكيل بديل جاد داخل معسكر اليمين، رأى آخرون أنها لا تتعدى اختبارًا لجس النبض في ظل غياب انتخابات قريبة. ومع ذلك، يظل الرجل خيارًا مطروحًا بقوة إذا ما انهارت حكومة نتنياهو أو تم دفعه إلى الاستقالة تحت ضغط الشارع أو التحقيقات.
وُلد يوسي كوهين عام 1961 في القدس لعائلة متدينة، والتحق بالموساد في ثمانينيات القرن الماضي.
خلال مسيرته، تدرج في مواقع قيادية حتى وصل إلى منصب رئيس الجهاز عام 2016.
لعب دورًا محوريًا في عمليات تجسس واغتيالات نُسبت إلى إسرائيل ضد إيران وحزب الله وحركات المقاومة.
يُنظر إليه كواحد من أكثر الشخصيات الأمنية دهاءً وقدرة على التواصل مع الدوائر الغربية والعربية.