في خطوة مفاجئة، تراجعت اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي الأمريكي عن توضيح موقفها الرسمي من الحرب بين إسرائيل وحماس، ما أضاف فصلًا جديدًا إلى الانقسامات داخل الحزب حول قضية أثارت جدلاً واسعًا طوال العام الماضي.
المصادر أشارت إلى أن قرار التراجع جاء بعد اجتماع اللجنة الوطنية الديمقراطية في فندق بوسط مدينة مينيابوليس، خلال اجتماعها الصيفي السنوي الذي عقد خلف نقطة تفتيش أمنية مشددة النقاش تناول أزمة الحرب في غزة ونتائجها الإنسانية، وسط انقسام واضح بين أعضاء اللجنة حول طريقة صياغة موقف رسمي يمثل الحزب بأكمله.
كانت هناك مقترحات متنافسة داخل اللجنة، الأول قدمه الجناح التقدمي، ودعا إلى فرض حظر أسلحة وتعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل، في حين قدم رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية، كين مارتن، مقترحاً آخر يركز على مزيد من السياق من منظور إسرائيل، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار، والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، وتسليم المساعدات الإنسانية بما في ذلك الغذاء والماء والدواء والمأوى للمدنيين في غزة، مع تجديد التأكيد على دعم الديمقراطيين لحل الدولتين.
صوتت لجنة القرارات لصالح نسخة مارتن ورفضت خيار التقدميين، لكن مارتن فاجأ الحضور بسحب مقترحه ودعا إلى تشكيل فريق عمل لدراسة القضية بشكل أعمق قبل اتخاذ أي موقف رسمي وقال مارتن: "كما رأينا هناك انقسام في حزبنا بشأن هذه القضية، لقد قررت اليوم، في هذه اللحظة، الاستماع حتى نتمكن من المضي قدماً متحدين اليوم وإجراء المحادثة".
يرى مراقبون أن التراجع يعكس حساسيات سياسية داخل الحزب الديمقراطي، حيث يسعى المسؤولون إلى التوفيق بين الجناحين التقدمي والمحافظ ضمن الحزب، والحفاظ على الوحدة الداخلية في مواجهة موضوع أثار انقسامات حادة بين الأعضاء. ويؤكد هؤلاء المراقبون أن القرار بتشكيل فريق عمل لدراسة القضية قد يؤدي إلى تأجيل اتخاذ موقف رسمي لأشهر، ويؤثر على قدرة الحزب على صياغة موقف واضح تجاه النزاع في المنطقة.
تداعيات القرار تشمل استمرار الانقسام داخل الحزب وتأجيل حسم الموقف الرسمي، ما يضيف طبقة من التعقيد للسياسة الخارجية للحزب ويجعل من الصعب تقديم إجماع حول القضايا المتعلقة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. كما يعكس الكم الكبير من الرسائل التي تلقاها أعضاء لجنة القرارات – ما يقارب 5 آلاف رسالة من نشطاء من كلا الجانبين – حجم الضغوط الخارجية والداخلية التي تواجه الحزب.
ويشير المراقبون أيضًا إلى أن هذه الخطوة تعكس طبيعة الحزب الديمقراطي الأمريكي كحاضنة لجناحين متباينين أيديولوجيًا، حيث يفرض كل منهما رؤيته على السياسة الخارجية، ما يجعل اتخاذ موقف رسمي حول الصراعات الدولية عملية معقدة تتطلب التوافق الداخلي أولًا قبل الإعلان عن المواقف العلنية.
يؤكد القرار الأخير على أن موضوع الحرب بين إسرائيل وحماس سيظل محور نقاش سياسي حساس داخل الحزب لفترة طويلة، أي موقف مستقبلي سيكون نتيجة لمزيد من المداولات بين الأعضاء، مع محاولة الحفاظ على التوازن بين المصالح السياسية والوطنية والأخلاقية في السياسة الخارجية.