أعلنت المصورة الصحفية الكندية فاليري زينك استقالتها من وكالة رويترز بعد ثمانية أعوام من العمل معها، متهمة الوكالة بالمسؤولية عن تبرير وتمكين عمليات استهداف الصحفيين في قطاع غزة.
هذه الاستقالة تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيدًا عسكريًا مكثفًا، وتكرار استهداف المؤسسات الإعلامية والصحفيين بشكل منهجي، ما يفتح نقاشًا حول مسؤولية وسائل الإعلام الغربية في نقل الأحداث والصراعات.
وقالت زينك إن التغطية الإخبارية التي قدمتها رويترز ساهمت، دون قصد، في تهيئة الظروف التي أدت إلى مقتل 246 صحفيًا منذ بداية التصعيد الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023. وأشارت إلى قضية الصحفي أنس الشريف، مراسل الجزيرة الحائز على جائزة بوليتزر، الذي قتل مع طاقمه في غارة على غزة في 10 أغسطس، واصفةً مزاعم رويترز بأنه كان "عميلًا لحماس" بأنها غير صحيحة وتندرج ضمن سلسلة من الأكاذيب التي تناقلتها وسائل الإعلام الغربية.
كما نددت زينك بالاستجابة الرسمية للوكالة لمقتل صحفييها، مشيرةً إلى أن كاميرا رويترز حسام المصري كانت ضمن المعدات التي فقدت في غارة مزدوجة استهدفت مستشفى النصر في خان يونس، ما أدى إلى مقتل 20 شخصًا، بينهم مسعفون ومدنيون. واعتبرت زينك أن هذه الهجمات المزدوجة على المدنيين ثم الصحفيين تمثل تصعيدًا خطيرًا يفرض على الإعلام الغربي إعادة النظر في دوره ومسؤولياته.
وأكدت زينك أن وسائل الإعلام الغربية تتحمل مسؤولية مباشرة في خلق الظروف التي تسمح بحدوث مثل هذه الهجمات، خاصة عبر إعادة نشر الادعاءات العسكرية الإسرائيلية دون تحقق مستقل، مما ساهم في زيادة الخسائر بين الصحفيين المدنيين في غزة.
وفي ختام بيانها، أعلنت زينك أنها لم تعد تستطيع ارتداء شارة رويترز الصحفية دون شعور "بالخجل والحزن العميق"، وتعهدت بتوجيه عملها المستقبلي تكريمًا لصحفيي غزة الذين وصفتهم بـ"الأشجع والأفضل على الإطلاق". هذه الاستقالة تفتح نقاشًا واسعًا حول دور الإعلام الدولي في النزاعات المسلحة ومسؤولياته الأخلاقية تجاه حماية الصحفيين.
وشهد قطاع غزة منذ أكتوبر 2023 تصعيدًا عسكريًا واسع النطاق من القوات الإسرائيلية، استهدف بشكل مكثف المناطق المدنية والبنى التحتية. في هذا الإطار، تعرضت المؤسسات الإعلامية والصحفيون لموجة من الهجمات المباشرة وغير المباشرة، ما أثار قلقًا واسعًا على مستوى حقوق الإنسان وحماية الصحفيين وفق القوانين الدولية.
تشير بيانات منظمات حقوقية وصحفية إلى مقتل حوالي 246 صحفيًا منذ بداية التصعيد، بينهم مراسلون ميدانيون ومصورون مستقلون، من وكالات دولية مثل الجزيرة ورويترز وأسوشيتد برس. كما تم تدمير معدات تصوير وحواسيب وأرشيفات صحفية في أكثر من 15 حادثة غارة على المستشفيات والمناطق المدنية.
من أبرز الحوادث مقتل الصحفي أنس الشريف وطاقمه خلال غارة على غزة في 10 أغسطس 2025، إضافة إلى غارة مزدوجة على مستشفى النصر في خان يونس التي أودت بحياة 20 شخصًا بينهم مسعفون وصحفيون، مثل المصور حسام المصري. كما تم تدمير كاميرات وأجهزة بث حية، ما أثر على قدرة الصحفيين على توثيق الأحداث ونقلها بشكل مستقل.
يشير تحليل صحفيين مستقلين إلى أن الإعلام الغربي ساهم، بشكل غير مباشر، في خلق بيئة محفوفة بالمخاطر للصحفيين عبر تكرار مزاعم الجيش الإسرائيلي دون تحقق مستقل. هذا التكرار ساعد في تبرير الاستهداف العسكري للصحفيين، مما يقلل الضغط على الأطراف المتورطة لاحترام قوانين حماية الصحفيين.
وفق اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية، يُعتبر استهداف الصحفيين أثناء تغطية النزاعات انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني. إلا أن هذه الحماية لم تُطبق بشكل فعال في غزة، مع استمرار استهداف الصحفيين المدنيين والميدانيين على حد سواء.
استهداف الصحفيين في غزة يعكس صراعًا مزدوجًا: عسكريًا مباشرًا مع المدنيين، وأخلاقيًا وإعلاميًا يتعلق بمسؤولية نقل الحقائق دون تمكين الاستهداف. حالات مثل استقالة فاليري زينك من رويترز تبرز الجدل حول دور وكالات الإعلام الكبرى في النزاعات ومسؤوليتها في حماية الصحفيين وتشكيل الرأي العام العالمي.